مصّاص دماء غوربالس
الهستيريا الجماعية ليست ظاهرة جديدة ، بحيث تُظهر العديد من حالات الهستيريا الجماعية القديمة أن بإمكان الناس القيام بأشياء غريبة بشكل جماعي دون سبب واضح ، على سبيل المثال ، في عام 1676 ، بدأ الأطفال الذين يعيشون في دار للأيتام في بلدة هورن بهولندا فجأة في التصرف مثل الكلاب ، سواء من حيث طريقة المشي أو النبيح ، كانوا ينبحون ويمشون على الأرض تماماً مثل الكلاب دون سبب واضح ، وكذلك في يوليو من عام 1374 في آخن بألمانيا ، اجتاح وباء الرقص فجأة عشرات القرى على طول نهر الراين ، ونزل مئات الأشخاص إلى الشوارع دون سبب واضح يقفزون ويرقصون بشكل جماعي هستيري في حادثة معروفة أشتهرت بمرض الرقص الجماعي ، والغريب ، لا أحد كان يستطيع سماع الموسيقى التي يرقصون عليها إلا أولئك الذين كانوا يرقصون .
موضوعنا اليوم عن حادثة "مصّاص دماء غوربالس" وهي حدث غريب لا يزال غير مُفسّر له علاقة بشكل أو بآخر مع ظواهر الهستيريا الجماعية التي ذكرتها أعلاه ، بحيث تحاول بعض النظريات تفسير سبب تحول مئات الأطفال فجأة إلى مطاردين أو باحثين عن مصّاصي دماء ! كان الأمر كما لو أن الأطفال قد أصيبوا بالجنون تماماً ، ولا شيء كان يُمكن أن يمنعهم من مطاردة وحش كانوا مقتنعين بأنه يتجول في القرية ، ماذا حدث إذاً في ذلك اليوم ؟ .
حادثة مصّاص دماء غوربالس
في 23 سبتمبر عام 1954 ، كانت مقبرة جنوب نيكروبوليس غوربالس في جلاسكو - اسكتلندا ، مليئة بمئات من الأطفال ما بين عمر 11 و 15 سنة الذين يبحثون عن مخلوق وصفوه بأنه مصّاص دماء بأسنان حديدية ، وكان هؤلاء الأطفال يمسكون الهراوات والسكاكين ، تحول الصغار فجأة من طبيعة الأطفال العاديين إلى باحثين عن مصّاص دماء بشكل جنوني هستيري ، و قال الأطفال إن المخلوق الذي عُرف فيما بعد بإسم مصاص دماء غوربالس كان مسؤولاً عن اختفاء عدد من الصبيان في مدرستهم .
قبل الشروع في البحث عن مصّاص الدماء ، حاول الأطفال أن يشرحوا للكبار أنه يجب القبض على المخلوق المُخيف ، و زعموا أن هذا الكائن الشرير هو الذي اختطف وربما قتل أصدقاءهم ، إستمع البالغون لهذه الرواية الجامحة لهؤلاء الأطفال ، لكن لم يأخذ أحد قصة مصّاص الدماء المزعومة على محمل الجدّ ، وعندما لاحظ الأطفال أن آبائهم ومعلميهم يتجاهلونهم ، أخذوا الأمور بأيديهم .
خطط الأطفال لهجومهم بعناية ، قاموا سراً بالتخطيط وترتيب اللقاءات وأخذ الأسلحة ، ثم ذهبوا إلى المقبرة حيث اعتقدوا أن مصّاص الدماء كان يختبئ هناك وبدأوا في البحث عن المخلوق ، بل أنهم تركوا بيوتهم وأصبحوا ينامون في تلك المقبرة في محاولة للكشف عن المخلوق المخيف .
وعندما وصلت الشرطة إلى المكان لمعرفة ما يجري ، أصيبوا بالصدمة ، كان من الواضح أن هؤلاء الأطفال مصممين تماماً على العثور على مصّاص دماء غوربالس ، ولم يكن هناك شيء يوقفهم ، في الواقع كان مئات الأطفال يركضون في جميع أنحاء المقبرة لساعات ، وحاول ضبّاط الشرطة إخراج مجموعة الأطفال من المقبرة ولكن كل محاولاتهم باءت بالفشل ، ثم بدأت تمطر ، وعلى الرغم من هطول الأمطار الشديد لم يذهب الأطفال إلى منازلهم بل بقوا في المقبرة لأسابيع ، بل أن أحد المصادر ذكرت أنهم بقوا لثلاثة أشهر متواصلة في المقبرة في محاولة البحث عن مصّاص الدماء المزعوم .
ما الذي تسبب في هستيريا مصّاص الدماء الجماعية ؟.
في الواقع حظي هذا الحدث الإستثنائي بتغطية عالمية ، ماذا كان يحدث في غلاسكو ؟ من يُمكن أن يُلام على هستيريا مصّاص الدماء لدى هؤلاء الأطفال ؟ .
كما هو الحال دائماً ، يجب إلقاء اللوم على شيء ما ، بحيث قيل إن كُتب الرعب الأمريكية كانت سبباً في هذه الهستيريا الجماعية ، كتب "كليف مكابي" أنه لم تكن هناك سجلات لأي أطفال مفقودين في غلاسكو في ذلك الوقت ، فلماذا كان الأطفال يبحثون عن شيئ ليس له وجود ؟ وبدأت التقارير الإعلامية تنتشر عن الحادثة في محاولة للبحث عن أصل الأسطورة ، وسُرعان ما تم إلقاء اللوم على الكتب المصورة الأمريكية أو البريطانية المتعلقة بالرعب مع عناوين مخيفة مثل رواية السرداب أو قبو الرعب ، والتي أصبحت صورها الرسومية للوحوش المرعبة تحظى بشعبية متزايدة بين الشباب والأطفال الاسكتلنديين ، كانت هذه الرسومات كما تقول النظرية ، "سبباً في هذه الهستيريا الجماعية للأطفال وأفسدت مخيلتهم وأججت خوفهم من المجهول ".
بحيث كان الوضع خطيراً لدرجة أنه تم إطلاق حملة ووصلت القضية إلى البرلمان ، وكانت حادثة مصّاص دماء غوربالس سبباً في إصدار قانون الأطفال والشباب المتعلق بحظر ومنع المنشورات الضارة والقصص المرعبة للأطفال دون سّن الرابعة عشرة لعام 1955 الذي لا يزال قائماً حتى اليوم .
يجب أن نضيف أن هناك نظريات أخرى توحي بأن الأطفال تأثروا بكتاب دانيال ، وخاصة النص المتعلق بالوحش الرابع ذو الأسنان الحديدية العظيمة ، والاحتمال الآخر هو أن الأطفال استلهموا في مخيلتهم أسطورة المرأة العجوز الساحرة التي قيل إنها تسكن أحد الغابات في غلاسكو غرين في أوائل القرن التاسع عشر .
أخيراً لا نعلم إن كان هناك مخلوق مخيف حقيقي وصفه الأطفال بمصّاص الدماء أو أنه لم يكن هناك أبداً أي مصّاص دماء يعيش في المقبرة أو حولها ، لكن بعض الكتب "كما هو الحال مع هذا الموقع" ببساطة غير مناسبة للأطفال ، وكانت سبباً في تلك الهستيريا الجماعية .
كتبه : رامي الثقفي - Templeofmystery.com
حقوق النشر © templeofmystery.com جميع الحقوق محفوظة لموقع معبد الغموض ، لا يجوز نشر هذه المواضيع والأبحاث و المقالات أو إعادة كتابتها أو إعادة نشرها أو توزيعها كليًا أو جزئيًا دون إذن كتابي صريح من templeofmystery.com
Copyright©TempleOfMystery.com
التعليقات
موضوع جميل كالعادة ونتمنى منكم عدم الانقطاع لاننا ننتظر مواضيعكم المميزة
شكرا لكم. نريد مواضيع وقصص عن اشخاص دخلوا جوف الارض مثل رامبا لوبسانج
انا لا اعتقد بنظرية الهستيريا الجماعية ، من الممكن شيء ما اخافهم ولعب بعقولهم -- تقبل مروري وتحياتي
موضوع رائع لكنكم تتأخرون في نشر مواضيعكم الرائعة
سلمت اناملك على هذا المقال