إنتقام معبد وحي آمون
إنها واحدة من أغرب الألغاز المتعلقة بالصحراء والتي يُمكن للمرء أن يصادفها ، ولكن في الحقيقة ، لا أحد يعرف ما حدث ، يقول بعض العلماء إن الحادث عبارة عن خرافة ، بينما علماء آخرين مقتنعون بأن ذلك كان حدث أو لُغز تاريخي غامض قد يتم حله .
بدأ كل شيء بملك ونبوءة مشؤومة ، إنها قصة قديمة عن الإنتقام والصراع على السلطة وتوسيع الإمبراطوريات القديمة ، للأسف كان ذلك على حساب أولئك الذين اضطروا إلى اتباع الأوامر بغض النظر عن النتائج ، قد يكون هناك سرّ مرعب في الصحراء ، في مكان مُخيف سعت إليه العديد من الحملات العسكرية دون جدوى ، ومع ذلك ، في الوقت الحالي ، لا يزال من المستحيل حل هذا اللُغز القديم .
تعيدنا القصة إلى مصر القديمة وعهد "قمبيز الثاني" ثاني ملوك الإمبراطورية الأخمينية من 530 إلى 522 قبل الميلاد ، وبصفته الإبن الأكبر لـ "كورش الكبير" كان على قمبيز الثاني توسيع الإمبراطورية الأخمينية التي أسسها والده ، لقد كان واجباً عليه ذلك ، وقد قام به بكل سرور ، وقام به بنجاح ، ومع ذلك في نهاية حياته ، يظهر التاريخ أن مجد وقوة "قمبيز الثاني" والنجاح العسكري الباهر الذي حققه أدّى على الأرجح إلى سقوطه في نهاية المطاف ، بل إلى إختفائه تماماً عن عالمنا في ظروف غامضة للغاية .
بحيث إختفى أو قتل "قمبيز الثاني" في ظروف غامضة ، والمؤرخون غير متأكدين من مصيره ، سواء كان نتيجة حادث ، أو إنتحار ، أو إختفاء ، أو إغتيال على يدّ داريوس الأول .
غزوات قمبيز الثاني ورحلته إلى مصر القديمة
تمكن "قمبيز الثاني" من توسيع الإمبراطورية الأخمينية من خلال هزيمة الفرعون "بسامتيك الثالث" الذي فعل كل ما في وسعه لمقاومة الغزو المعادي لـ قمبيز الثاني ، وفي الواقع ، لم يكن جيشه المصري يضاهي الفرس ، الذين كانوا قد غزوا قبل ذلك بابل وآشور وحلفاء آخرين للمصريين القدماء .
حاول الملك الفارسي المطالبة بمصر وطالب بالإعتراف به كـ فرعون ، لكن الكهنة العظماء في معبد وحي آمون أو معبد التنبؤات في "سيوة الحديثة" اعترضوا على ذلك أشد الإعتراض ، وعملوا ما بوسعهم من أجل سقوط الملك الفارسي ، وقد نشروا تنبؤاتهم تلك بأن قمبيز الثاني سوف يسقط ، وقد أدّى ذلك إلى غضب الملك الفارسي بعد أن سمع عن نهايته القريبة .
صاح الملك الفارسي بكل غضب بأن النبوءة يجب أن تكون خاطئة ، فلن تستطيع أي قوة من إيقافه ، وأرسل جيشاً قوامه 50 ألف جندي لمهاجمة وتدمير معبد وحي آمون في واحة سيوة ، وفي منتصف الطريق عبر الصحراء ، وقع الجيش الفارسي الهائل في عاصفة رملية هائلة وعظيمة دفنتهم جميعاً أو ربما أخفتهم عن الوجود ، وبعد حوالي 75 عاماً ، وصف المؤرخون والجغرافيون اليونانيون القدماء الحدث على النحو التالي :
"أما الذين أرسلوا للسير ضد كهنة معبد آمون ، فقد انطلقوا وسافروا مع مرشدين ، ومن المعروف أنهم أتوا إلى مدينة الواحة ، التي يسكنها ساميان ، قيل أنهم من قبيلة أشريون ، سبعة أيام مسيرة عبر الصحراء الرملية ، حتى اختفوا في الصحراء بدون أثر" .
أما ما قاله المؤرخ هيرودوت : "عندما كان الفرس يعبرون الرمال من الواحة لمهاجمة المعبد ، بينما كانوا في منتصف الطريق تقريباً بين بلادهم والواحة ، نشأت رياح جنوبية شديدة وعنيفة دفنتهم في الجموع ، من الرمل الذي تحمله ، وهكذا اختفوا عن الأنظار" .
بحيث أراد "هيرودوت" أن تعرف الأجيال القادمة أن الجيش الفارسي المكون من 50 ألف جندي قد دُفن تحت الرمال بالقرب من حدود ليبيا الحديثة .
ولكن في الواقع ، أدّى عدم وجود أدلة مادية ووثائق قديمة أخرى تتعلق بمصير الجيش الفارسي إلى اقتناع العديد من علماء المصريات والمؤرخين أن قصة الجيش الفارسي المفقود كانت مجرد أسطورة .
وقد حاول العلماء المعاصرون تحديد الهياكل العظمية التي إدّعى "هيرودوت" أنها دفنت تحت الرمال ، وفي عام 1933 أجرى اللواء الإنجليزي "أوردي تشارلز وينجيت" بحثاً فاشلاً في الصحراء الغربية لمصر ، التي كانت تُعرف آنذاك باسم الصحراء الليبية ، وكذلك لم يحالف الحظ العلماء من جامعة هارفارد أيضاً في العثور على أي أدلة ، وأيضاً لم ينجح فريق "ناشيونال جيوغرافيك" في العثور على شيء متعلق بالجيش الفارسي المفقود .
فهل كان جيش قمبيز المفقود خرافة أم أن الجميع كانوا قد بحثوا في الأماكن الخطأ ؟ في الواقع يبدو أنه كان هناك نوع من الإنفراج في عام 2009 عندما إدّعى شقيقان إيطاليان أنهما عثرا على أدلة تؤكد صحة هذه القصة .
قال "أنجيلو وألفريدو كاستيليوني" إنه أثناء العمل في البحث والتنقيب بالقرب من واحة سيوة ، إكتشفوا قطعاً أثرية وبقايا بشرية تعود إلى عصر الجيش الفارسي، لقد بدا الأمر واعداً في البداية ، خاصة وأن الإكتشافات قام بها شخصان أطلقوا على أنفسهم علماء آثار .
لسوء الحظ ، بدلاً من تقديم النتائج التي توصلوا إليها في مجلة علمية ، قرر عالما الآثار الإيطاليان اللذان تصادف أنهما منتجا أفلام مشهوران بأفلامهما الوثائقية المثيرة للجدل ، الكشف عن نتائجهما المثيرة في فيلم وثائقي ، وهذا أدّى إلى أن يفقد الإيطاليان مصداقيتهما ، كما أثارت السُلطات المصرية اعتراضات على قيام الأخوين "كاستيليوني" بحفريات دون إذن من الحكومة المصرية .
وقال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصرية آن ذاك "زاهي حواس" في بيان صحفي أن التقارير الإعلامية عن ذلك الاكتشاف "مضللة ولا أساس لها من الصحة" وأن الأخوين كاستليوني لم يحصلوا على إذن من الحكومة المصرية للتنقيب في مصر ، لذلك لا ينبغي تصديق أي شيء كانوا قد زعموا العثور عليه .
أخيراً ، لم يتم العثور على الجيش الفارسي للملك قمبيز الثاني ، ويستمر البحث عن الهياكل العظمية للجيش الفارسي المفقود حتى يومنا هذا .
كتبه : رامي الثقفي - Templeofmystery.com
حقوق النشر © templeofmystery.com جميع الحقوق محفوظة لموقع معبد الغموض ، لا يجوز نشر هذه المواضيع والأبحاث و المقالات أو إعادة كتابتها أو إعادة نشرها أو توزيعها كليًا أو جزئيًا دون إذن كتابي صريح من templeofmystery.com
Copyright©TempleOfMystery.com
التعليقات
جميل جداا
روعه !!
مواضيع تروق لي قراءتها ، انا شغوفة بكل ماهو اسطوري و غريب اشكركم على الموقع الثري والكنز المعرفي
ربما انها قصة حقيقية والله اعلم
الموضوع شيق فعلا ،،سبحان الله جيش بمعداته اختفى بلمح البصر !!
موضوع جميييييل استمتعت جدا بالقراءة
روعة بجد
هل يمكننى كتابة مقال ونشره على موقعكم احب ذلك واود ذلك بشدة
مواضيع رائعة في هذا الموقع الجميل
مقال غاية في الروعة
موضوع رائع جدا
مرحبا استاذ رامي ...كالعاده مقاله مشوقه لحادثه تاريخيه غامضه اجمع اكثر المؤرخين علي وقوعها رغم النهايه الغامضه المجهوله التي جعلت البعض يعتقد انها مجرد اسطوره ..خمسين الف مع مرشدين ...ابتلعتهم الصحراء...الموقع واحه سيوه المواجهه لمعبد امون..خمسين الف بكامل عتادهم واسلحتهم وخيولهم مع بعض المرشدين...ابتلعتهم رمال الصحراء...ولم يجدوا لهم اثرا حتي الان...الامر قد يكون عاديا وليس له علاقه بنبؤءه ولعنه المعبد...ابتلعتهم رمال الصحراء اثر عاصفه رهيبه وهم لامحاله تحت الرمال لكن عدم العثور علي المكان بالظبط جعل الامر غامضا...مايميز الصحراء ان الاشياء تختفي بسهوله فيها ثم يصعب تحديد مكانها بالضبط...كنت افكر لو يكون هناك فريق تحليل خاص بالمعبد يتم اختيار اعضاءه بعنايه باشراف الاستاذ رامي بحيث يقوم الفريق بالتحليل باحترافيه سواء لموضوع قديم او حديث بالمعبد..حتما سيكون الامر ممتعا وغامضا ومرعبا اكثر.....انا احب معبد.الغموض