لُغز أسطورة ملكة الهقار : تينهنان
منذ سنوات عديدة عثر علماء الآثار على قبر قديم مثير للفضول يخص فرداً ذو أهمية كبيرة ، وفي داخل القبر ، وجد العلماء جثة المتوفى وهدايا الدفن الرائعة والجميلة ، وكشفت فحوصات الدفن أن هذا القبر بالذات كان مختلفاً عن المقابر المحيطة به ، لكن لماذا ؟ عندما حاول العلماء الحصول على مزيد من المعلومات التاريخية من السكان المحليين ، قيل لهم إن هذا هو قبر آخر حاكم لمملكة غارقة ! وفي الواقع رفض مُعظم العلماء تصديق أن هذا قد يكون صحيحاً ، لكن البعض جادل بأن هناك المزيد من هذه القصة وأنه من المُمكن أن يكون هذا إكتشافاً أثرياً أكبر بكثير مما كان يعتقد سابقاً .
نحقق اليوم في هذه المقبرة الغامضة التي تخص شخصية لا يجب أن تكون موجودة وفقاً للسجلات التاريخية الحالية ، ومع ذلك ، لدينا دليل مادي يمكن أن يفتح فصلاً جديداً في كتب التاريخ القديم ، وبفحص الأساطير التي رواها السكان المحليون ، جنباً إلى جنب مع الإكتشافات الأثرية ، سنحاول الكشف عن هوية آخر حاكم لمملكة مغمورة بالمياه ، ويظل هذا اللإكتشاف بالطبع لُغزاً أثرياً مثيراً للفضول يتحدث عنه القليلون .
العثور على المقبرة الغامضة
بدأت القصة في عام 1925 عندما عثر عالم الآثار "بايرون خون دي بروروك" على مقبرة قديمة في جبال الهقار جنوب الجزائر ، يُعرف القبر اليوم بإسم قبر "تينهنان" وهو الإسم الذي أطلقه شعب الطوارق على المرأة التي وضعت في داخل القبر ، داخل مقبرة تينهنان وجد علماء الآثار امرأة لا يُعرف عنها سوى القليل أو لا يُعرف عنها أي شيء تقريباً ، ويعتبرها الطوارق آخر ملكة من سلالة شعب قارة أطلانتس ! وفي الواقع كان بجوار الهيكل العظمي للفتاة عدد من القلائد والأحجار الكريمة وبعض الذهب ، وكان رأس تينهنان متجهاً إلى الشرق ، وكانت ترتدي على ساعدها الأيمن 7 أساور فضة ، وعلى يسارها 7 أساور ذهب ، كان جسدها محاطاً بالتماثيل الصغيرة وكان أحدها تمثال لـ فينوس ، وتشير هدايا الدفن الثمينة هذه بوضوح إلى أن المرأة كانت ذات يوم شخصية مُهمة في المجتمع وليست إنسانة عادية ، ولكن من كانت حقاً ! .
جادل علماء الآثار حول عمر القبر والمرأة التي دفنت هناك ، يقول البعض أنها كانت مقبرة رومانية قديمة ، بينما ظل آخرون يصرّون على أن القبر لم يكن بأي حال من الأحوال مرتبطاً بالإمبراطورية الرومانية ، ولسوء الحظ ، كما هو الحال في كثير من الأحيان إهتم القليل من العلماء بما قاله السُكان المحليون حول هذا الاكتشاف الأثري المهم .
وفقاً لـ "آسيا جبار" 1936-2015 الكاتبة الجزائرية المعروفة قالت أن أسطورة تينهنان معروفة في بلادها ، وقد كانت أميرة هاربة ! ولكن هاربة مِن منّ ؟ وتقول "جبار" أن هروب الأميرة الأمازيغية كان من الشمال وكادت أن تموت حتى عثرت على حبوب في عش النمل الصحراوي وأبقتها على قيد الحياة ، وفي النهاية ماتت بالقرب من واحة أبالسه أو أباليسا في الجزائر حيث يوجد قبرها ، وقد نُقِش على قبرها كتابة بأبجدية التيفيناغ التي يُفترض أنها لغة أو أبجدية مفقودة ، حيث انقطع إستخدامها لدى الأمازيغ وإن كانت لازالت تستخدم من قبل الطوارق ربما حتى اليوم ، في الواقع هذه ملاحظة مثيرة للاهتمام ، لأن العمر الحقيقي وأصل نص التيفيناغ غير معروفين ، على الرغم من أن بعض العلماء قد وثقوا عمر النقش على أنه من القرن الثالث قبل الميلاد وإن كنت لا أظن ذلك .
لماذا يربطها الطوارق بمملكة أطلانتس المفقودة ؟
في الواقع هناك صلة بين أطلانتس وشمال إفريقيا ، لأن "هيروتودوس" نفسه تحدث عن شعبها والمنطقة الجبلية الواقعة من المغرب إلى الجزائر وحتى تونس ، ودائماً ما يُقال أن سُكان أطلانتس بأنهم "الشعب الأزرق" والطوارق الذين يعيشون في جبال الأطلس يرتدون "ملابس زرقاء" ويدّعون أن ملكتهم القديمة من نسل شعب أطلانتس ! وفي الواقع عندما فحص عالم الأنثروبولوجيا "إي لوبلان" الهيكل العظمي داخل مقبرة تينهنان ، لاحظ أن البقايا كانت طويلة ورشيقة ، مع حوض ضيق وأكتاف عريضة وأرجل نحيلة ، وفي الواقع يشبه الهيكل العظمي لـ تينهنان إلى حد كبير تلك الموجودة في الآثار الفرعونية لمصر القديمة ، وطالما رُبط فراعنة مصر وكهنتها الأوائل بقارة أطلانتس وأنهم قد جائوا منها قبل أن تحدث الكارثة العظيمة .
لكن لابُد أن أذكر أن أحد الإكتشافات داخل مقبرة "تينهنان" أشارت إلى أنها ربما لم تكن من أرض مغمورة على الإطلاق وليست من أطلاتنس أو شيء من هذا القبيل ، بحيث يُقال أنهم قد عثروا في داخل قبرها على عملات رومانية قديمة ، فهل قاومت تينهنان وشعبها في ذلك الحصن الحصين عدو أجنبي ما وقد يكون ذلك العدو الرومان ؟ ولهذا السبب دفنت هناك فيما بعد ؟ في رأيي هذا إفتراض لا مبرر له بالطبع ، لكن يمكن تصوره ، وإن كنت أميل إلى تصديق أسطورة الطوارق عن أصل ملكتهم الغامضة ، فهم أدرى من غيرهم بما يتعلق عن هذه المرأة .
في الواقع نواجه العديد من الألغاز والغموض حول قبر وشخصية "تينهنان" وبناءاً على الحقائق المقدمة في هذا المقال ، يمكنك تكوين رأي حول الهوية الحقيقية للسيدة الغامضة المعروفة بإسم تينهنان .
كتبه : رامي الثقفي - Templeofmystery.com
حقوق النشر © templeofmystery.com جميع الحقوق محفوظة لموقع معبد الغموض ، لا يجوز نشر هذه المواضيع والأبحاث و المقالات أو إعادة كتابتها أو إعادة نشرها أو توزيعها كليًا أو جزئيًا دون إذن كتابي صريح من templeofmystery.com
Copyright©TempleOfMystery.com
التعليقات
مرحبا أستاذ رامي الفاضل، مرحبا بالأصدقاء متابعي هذا الموقع الجميل سعدت كثيرا لما قرأت هذا المقال الجميل كوني أمازيغي شمال افريقي بالضبط من بلاد لقبايل الأمازيغية في شمال افريقيا وأنا أوافق على غالبية ما جاء في هذا المقال القيم، نعم، الملكة الأمازيغية تينهنان تعتبر أم الطوارق الأمازيغ ملوك الصحراء، وهي تعتبر رمز مقدس عندهم وهناك قصص متوارثة كثيرة عند الأمازيغ عن تلك الحضارة الخيالية التي عرفها أسلافهم في الماضي السحيق ولليوم لما ننظر في تلك الآلاف من الرسومات والنقوش الغريبة والغامضة والعجيبة في هكوف تاسيلي ومدينة سيفار الغامضة في بلاد الطوارق الأمازيغ، نعلم يقينا أنه كانت قبل هذا حضارة عظيمة متطورة اختفت لسبب معين ولليوم الجهات الحكومية تمنع السياح من الدخول لمدينة سيفار وتحرسها بقوات الجيش لسبب ما لا نعلمه ولا يعلمه إلا النخبة من اخواننا الطوارق الأمازيغ وبخصوص الكتابة بالخط الأمازيغي تيفيناغ فنحن اليوم قمنا بإحيائه في غالب شمال افريقيا الأمازيغية وأصبح التلاميذ وكثير من الأمازيغ يتقنون الكتابة بخط التيفيناغ الأمازيغي خاصة بعد الإقرار بالأمازيغية كلغة وطنية رسمية... كل الشكر لك أستاذ رامي ولجهودك التنويرية الرائعة ⵜⴰⵏⵎⵉⵔⵜ ⵏ-ⵡⴻⵏ ⵜⴰⵎⵓⵇⵕⴰⵏⵜ 💖🙏
لا يوجد شيء إسمه أمازيغ في التاريخ
موضوع جميل ومعلومات رائعة ومهمة للمعرفة
ٍّأولا اطلنطس ليس لها علاقة بشمال افريقيا و انما بالفينيقيين فهم بحارة و أول من سكن شمال افريقيا ، ثانيا اسيا جبار مجرة كاتبة و ليست عالمة اثار ، و كنما كتبتم تنهينان هربت من الشمال الى الجنوب و لكن هربت من من ؟ ... هذه القصة خرافة قديمة انتشرت في الجزائرر فقط في عهد الاستعمار الفرنسي للجزائر كانو يحكوها لنا قديما ..... الموضوع يمكنت ان يكون ضمن مواضيع الاساطير
موقع كبير وهو افضل موقع لدي من حيث المعلومة الجديدة والمواضيع القيمة والمصداقية العالية ، شكراً لكم
موضوع رائع ومعلومات جديدة علينا كالعادة ,, شكرا على الإثراء في المعلومات القيمة
موضوع جميل ولأول مرة أسمع عن هذه المرأة !
أشكر جميع المُتابعين والمُعلقين وبالأخص الأخوة الأمازيغ المتعلق هذا الموضوع بجزء من موروثهم العريق , وسعيد كذلك على هذه المعلومة الرائعة إحياء كتابة تيفيناغ لدى الأمازيغ الكرام ..تحياتي للجميع .