القدّيس الطائر
دائماً ما نجد عبر الزمن أشخاص غير عاديين من أصحاب القدرات الغريبة والمذهلة ، وقد تحدث عدد من كُتاّب وباحثي معبد الغموض كـ ياسمين عبد الكريم و ندى العمراني وكاثرينا ماردنيان عن مواضيع رائعة عن هذه القدرات الخارقة في السابق ، والتي ما تتجاوز غالباً إطار التفكير المنطقي و العقلاني ، لذلك لا يُمكننا أن نفسر بعض من هذه القدرات غير العادية لهؤلاء تفسيراً علمياً منطقياً إذا ثبتت حقيقتها ، هذه المرة سوف نلقي نظرة فاحصة على شخص غير عادي آخر كان قد صدم الناس بقدراته الإستثنائية والخارقة .
القديس يوسف : جوزيبي دي كوبرتينو
هذا هو الشخص الذي نتحدث عنه في موضوعنا اليوم ، والذي عاش خلال القرن السابع عشر في إيطاليا ويُسمى القديس جوزيبي دي كوبرتينو 1603-1663 أو جوزيف ، أو القديس "يوسف" وكان مشهوراً بقدراته الغير عادية في الإسترفاع و التحليق في الهواء ، على ما يبدو أنه كان بإمكانه أن يطير عبر مسافات قصيرة في الهواء بكل يُسر و سهولة ، وفي الواقع لم يكن الإسترافاع هو القدرة أو "المعجزة" الوحيدة إن جاز التعبير التي قام بها يوسف ، قيل أنه كان بإمكانه أيضاً قراءة أفكار الآخرين والتخاطر معهم ، وبطبيعة الحال كل هذه القدرات الغير عادية جعلت من يوسف يمتلك شعبية كبيرة بين الناس خلال فترة حياته ، حيث كان يجتمع حوله الآلاف من أجل رؤيته ومشاهدة قدراته الخاصة عن قُرب حتى قررت الكنيسة إبعاده و إخفائه عن أعين الناس تماماً ، مما أدى إلى نقله إلى أماكن سرّية أكثر من مرّه ، وذلك على الرغم من أنه لم يُدان قط بأي جريمة سابقة أو لاحقة ، إلا أنه إضطر إلى قضاء مُعظم أوقات حياته في المنفى .
قدرات خارقة مشهودة
في الواقع لم يكن الناس البسطاء وحدهم قد شهدوا قدرات القديس يوسف ، فقد لاحظ عدد كبير من الرُهبان والمسؤولين تلك القدرة الغير عادية ، السفير الإسباني في المحكمة البابوية كان قد شاهد القديس يوسف يطير فوق رؤوس الناس ، حتى أن زوجة السفير التي شهدت الحدث بنفسها كانت غاضبة جداً لدرجة أنه قد أغمي عليها عندما تم أخذه و إبعاده عن أعين الناس ، كذلك "جون فريدريك" دوق برونزويك في ذلك الوقت شاهد ذات مرة كيف أن يوسف كان يحلق في الهواء ويطوف فوق الأرض أثناء القداس ، ولكن يبدو أن تلك القدرات لهذا الرجل كانت غير قابلة للسيطرة بخاصة بعد إفتتان عدد كبير من الناس به ، وشعرت الكنيسة بالحرج والإنزعاج مما يحدث فقررت منعه من المشاركة مع الجماهير أو حضور المواكب والمُناسبات الدينية ، ومن المثير للإهتمام أنه على الرغم من أن القديس يوسف كان يمتلك قدرات إستثنائية واضحة للعيان إلا أنه لم يكن موهوبا فكريًا ، فقد كان بالكاد يستطيع القراءة أو الكتابة ويعاني من صعوبات كبيرة في التعلم ! وعندما بلغ من العمر 17 عاماً حاول الإنضمام إلى رتبة الكاثوليك ، لكن إفتقاره للتعليم منعه من الحصول على القبول ، واعترف في وقت لاحق بأنه كان قد إلتجأ إلى الرهبانية الكبوشية وتم طرده بعد أشهر قليلة فقط ، وعندما كان في أوائل العشرينات من عمره تم قبوله من أحد الرُهبان الفرانسيسكانيّين بالقرب من كوبرتينو وعمل كخادم هناك ، حتى جائت مرحلة ما من حياته وتم إتهامه كما قلنا بجذب الإنتباه لنفسه عن عمد مع تلك "القدرات" التي يتمتع بها ، ونتيجة لذلك تم التحقيق معه من قبل محاكم التفتيش .
الإحتجاز و المحاكمة
في 21 أكتوبر عام 1638 تم إستدعاء يوسف للمثول أمام محاكم التفتيش ، واحتُجز لعدة أسابيع ، وفي نهاية المطاف لم تثبت إدانته بشيء وتم إطلاق سراحه ، ولكن لسوء الحظ ذلك لم يكن يعني أن يوسف كان يُمكن له أن يتمتع بحرية حقيقية ، فبعد أن تم إطلاق سراحه من قبل محاكم التفتيش أجبر "القديس يوسف" على العيش في المنفى ، و تم إرساله إلى ساكرو كونفينتو في "أسيزي" وهي بلدة صغيرة ضمن مقاطعة بيروجيا الإيطالية حالياً ، ومع مرور الوقت إجتذب يوسف عدد كبير من الناس أيضاً ، ولوقف ذلك قرر البابا "إينوسنت العاشر" 1574-1655 نقل يوسف من أسيزي ووضعه في مكان سرّي آخر تحت سلطة الكبوشيين ، حيث وضع تحت حراسة مشددة و أوامر صارمة ، وعلى الرغم من ذلك إستمر يوسف في جذب الأتباع والمعجبين ، مما جعل السلطات المسيحية تضطر إلى إتخاذ تدابير أقوى لمنعه من الإتصال بالعالم الخارجي وتم نقله إلى مكان سري آخر ، وكان المُتعاطفين معه يعتقدون أن الأمر قد إنتهى عندما توفي البابا إينوسنت العاشر ، حيث طُلب من البابا الجديد "ألكسندر الثامن" 1610-1691 الإفراج عن يوسف ، لكنه رفض أيضاً وتم إرساله إلى أحد الرُهبان في بلدة أوزيمو .
الوفاة في المنفى
كما نرى ، أُمر "يوسف" بالعيش في عزلة تامة ، ولم يُسمح له بالتحدث مع أي شخص باستثناء الأسقف المحلي للبلدة ، ولم يُسمح له بمقابلة الطبيب إلا في حالة وجود مشاكل صحية حقيقية ، ومن الواضح أن القديس يوسف قد عاش حياته في المنفى بصبر رائع يحتذى به ولم يشتكي أبداً من شيء حتى عندما لم يُعط الطعام لمدة يومين ، وفي 10 أغسطس عام 1663 أصيب يوسف بالحُمى والمرض ، ورغم ذلك يبدو أنه كان سعيدًا بمرضه ، ورفض الدعاء من أجل شفائه ! حيث يبدو أنه كان يعتقد أنه الآن في طريقه للقاء الله ! وفي بداية سبتمبر من العام نفسه شعر يوسف بأن النهاية قد إقتربت ، وكان أكثر سعادة من أي وقت مضى ، و توفي في مساء يوم 18 سبتمبر من عام 1663 ودُفن بعد يومين من وفاته أمام حشود كبيرة من الناس .
بطبيعة الحال أتفهم أن هُناك الكثير من المُشككين في هذه القصة بخاصة من أصدقائنا الملحدين واللادينيين ، و بأن القديس "يوسف دي كوبرتينو" كان يمتلك قوى غامضة أو غير عادية ، فالبعض كان قد إقترح أن هُناك مبالغة حول هذا الرجل ، أنا أيضاً لا يُمكنني أن أؤكد أن جميع تلك القصص عن القديس يوسف صحيحة ، لكن ببساطة نحن لا نعرف يقيناً ، نعم ربما تكون هُناك بعض المُبالغة في بعض الأجزاء ، ومع ذلك يبدو أن هناك شيء غير عادي متعلق بذلك الرجل ، وبغض النظر كون القديس يوسف يُحسب على الكنيسة أو الدين بشكل عام ، كنا قد رأينا وقرأنا تقارير عن أشخاص كثر ليس لهم علاقة بالدين والتدين ويمتلكون مثل هذه القدرات ، وأعتقد أن "يوسف" يستحق أن نسلط الضوء عليه وعلى قدراته الخارقة في موقع معبد الغموض ، أخيراً أحب أن أشير أن "البابا بندكت الرابع عشر" أعلن يوسف دي كوبرتينو طوباوياً في عام 1753 و أعلنه "البابا إكليمنضوس الثالث عشر" قديساً في عام 1763 وله عيد في الكنيسة في الثامن عشر من سبتمبر من كل عام ، وقد تم إعلانه شفيعاً للمُسافرين والطيارين وحتى رواد الفضاء .
إعداد : رامي الثقفي
Copyright©Temple Of Mystery
• ميرين داجو : جسد غير قابل للموت
• لُغز القدرات الخارقة للـ ساي بابا
• الإسترفاع : قدرة خارقة تتحدى الجاذبية
التعليقات
مواضيع جميلة وقيمة
قدرة من عند الله سبحان الله
موضوع رائع
لله في خلقه شؤون
سبحان الله
أنا أشتقت إلى البشرى سارة