هيرن الصيّاد
هيرن الصيّاد في الأساطير البريطانية
على الرغم من شُح المصادر حول هذه الأسطورة ولكن يُقال أن هناك قصة حقيقية وراء أسطورة هيرن الصيّاد ، هذا المخلوق الذي يوصف بأنه يحمل قرون عظيمة فوق رأسه ويحمل قوس خشبي ويركب أحياناً حصاناً أسود برفقة عدد من كلاب الصيد السوداء ، في الواقع توجد روايتين قديمتين حول هذا المخلوق ، واحدة منها تكشف أن هذا المخلوق كان في الأصل صياداً بارعاً يعمل لدى الملك ريتشارد الثاني ثامن ملوك إنجلترا والذي إستمرت فترة حكمة من عام 1377 للميلاد حتى عام 1399 و لكن سُرعان ما أصبح الكثير من الرجال يشعرون بالغيرة من مكانة هيرن عند الملك ريتشارد واتهموه بالصيد غير المشروع على أرض الملك ، وكذلك تم إتهامه زوراً بالخيانة ، حتى أصبح هيرن منبوذاً و معزولاً بين أصدقائه السابقين ، وتتحدث الأسطورة أن هيرن أصيب باليأس الشديد من هذه العُزله و شعوره بالكره من قبل كل أصدقائه له حتى ذهب إلى الغابة و شنق نفسه في شجرة البلوط ومن بعد ذلك أصبحت روحه تتجول في الغابة ليلاً ومن هُنا بدأت الأسطورة ، هذه واحدة ، أما الرواية الأخرى فتتحدث بأنه كان هناك رجلاً وصياداً عظيماً إسمه هيرن و كان قد أصيب بجروح قاتلة في أحد المعارك التي خاضها مع الملك ريتشارد الثاني ، وبقي هيرن في الغابة وحده معزولاً ينتظر الموت المؤكد ، ولكنه قد شُفى بأعجوبة من قبل شخص غريب وغامض الذي سقاه من مادة غريبة مكنته من الحياة مرة أخرى ، ولكن تلك المادة كانت لها تأثيرات عجيبة وخارقة حيث بدأت بعد ذلك تظهر على هيرن تغيرات جسمانية غريبة جداً وغير مألوفة تحديداً من الرأس حيث خرجت من رأسه قرون صغيرة وأصبحت تنمو مع الوقت حتى أصبحت كقرون الأيل ، ولكن هيرن مع مرور الوقت لم يطق ذلك الشكل الغريب وتلك القرون التي أثقلت على رأسه وذهب إلى الغابة يضرب برأسه وقرنيه على جذوع الشجر وفي النهاية قام بشنق نفسه في شجرة البلوط ، وبطبيعة الحال سكنت روحه الغابة وأصبحت تظهر بين حين وآخر وفقاً لما قاله الرواة والمتحدثين والمخبرين والمارة من الذين دخلوا الغابة الذين قالوا أنهم رأوا شخصية طيفية في غابة ويندسور أو كائن مخيف له قرون الأيل ، هذه الأسطورة معروفة جداً في بريطانيا وحتى إن لم نصدق هذه الروايتين المتشابهتين والمختلفة في التفاصيل عن أصل أسطورة هيرن ، لكننا نتسائل لماذا كان يُدعى هذا المخلوق بسيد الغابة في المنطقة المحيطة من بيركشاير ، و لماذا كان ولا يزال يصور على أنه بقرون كبيرة مثل قرون حيوان الأيل ، وما هي القدرة العجيبة لهذا المخلوق التي جعلت منه صياداً عظيماً يمتلك مهارات إلهية أو غير عادية في الصيد ، سوف نأتي لمحاولة تفسير ذلك بعد قليل ، ولكن في الواقع نجد معلومة غريبة متعلقة بأسطورة هيرن وهي أن الرسام الإنجليزي المعروف "جورج كروكشانك" ذكر في عام 1843 أن هيرن الصيّاد هو "نذير شؤم" وخاصة للعائلة المالكة في بريطانيا ، كيف ذلك ! يقول جورج أن هيرن يظهر فقط في غابات ويندسور عند الحاجة ، أو في أوقات الأزمات الوطنية الخاصة ببريطانيا ولذا يعتبر ظهوره نذير شؤم بإن شيء ما لا يحمد عقباه سوف يحدث في بريطانيا.
هل كان هيرن الصيّاد هو سيرنانوس إله السلتيك المقرن أو أوديـن ؟
في الواقع هناك العديد من المعتقدات لدى الشعوب القديمة أو على مر التاريخ البشري التي كانت تؤمن بالآلهة المُقرنة ، حيث أن تلك الآلهة تمثل أبواق السلطة البدائية للطبيعة و تعبر عن قوة عظيمة لا يمكن إيقافها ، و لعبت الآلهة الحيوانية المقرنة دوراً هاماً في الحضارات القديمة و في العالم القديم ، نجد مثلاً أنه قد أحيلت قوة وأسرار الآلهة إلى الثور في الحضارة السومرية ، والكبش و الثور ايضاً في الحضارة المصرية القديمة كالإله "بوخيس" الذي كان على هيئة الثور و الآلهة "حرشف" و "تاتنن" و "خنوم" التي كانت تأخذ شكل الكباش المُقرنة عند الفراعنة ، والإله "بان" عند الإغريق الذي كان إله المراعي والغابات والصيد البري وكان يظهر على هيئة بشرية ولكن بجلد ماعز و قرون و أرجل ماعز ايضاً وغير ذلك من المعتقدات المتعلقة بالآلهة الُمقرنة ، ولكن ما يهمنا الآن هو أنه في المنطقة المُحيطة بغابات ويندسور كان هناك تأثيراً لا يمكن إنكاره للحضارة السكسونية في بدايات القرون الوسطى ، حيث كانت غابات ويندسور تحت سيطرة السكسونيون الذين عبدوا الأوثان بما في ذلك الإله الإسكندنافي "أودين" الذي كان يصور في بعض الأحيان على أنه رجل مُقرن ، وهو الذي ركب على عربه تجرّها الخيول وذهب و شنق نفسه على شجرة العالم أغدراسيل التي تمتد جذورها إلى أعماق الأرض لتصل إلى مملكة نيفلهايم في العالم السُفلي لمعرفة سرّ الأبجدية الرونية ، فقد قيل أن إسم "هيرن" مشتق من لقب "هيرين" وهو لقب كان يستخدم لأودين بصفته زعيم وإله المحاربين ، وعلى ذلك نجد أن هناك تشابهاً في جزئيات معينة بين أسطورة هيرن الصيّاد و أوديـن ، هذا من ناحية ، أما من ناحية أخرى فقد كتبت الدكتوره "مارغريت أليس موراي" التي عاشت في الفترة من 1863 إلى عام 1963 وهي كانت واحدة من أبرز علماء المصريات و الأنثروبولوجيا في كتابها "إله الساحرات" أن هيرن هو مظهر من مظاهر إله السلتيك المُقرن "سيرنانوس" إله الغابات لشعوب "السلتيك" وتقول الدكتوره مارغريت أنه تم اختصار إسمه إلى هيرن وأنه كان يستخدم كنموذج للشيطان المسيحي بعد أن جائت الديانة المسيحية إلى أوروبا وكذلك كان بمثابة إله من العالم الآخر يُعلم الساحرات فنون السحر والشعوذة ، ولكن الحقائق تقول أن شعوب السلتيك كانوا منتشرين في شبه الجزيرة الأيبيرية وأجزاء كبيرة أخرى من أوروبا وبطبيعة الحال كان مركزهم الأساسي تقريباً في كل جمهورية آيرلندا ، و في الواقع نجد أن الروايات أو المشاهدات القديمة على وجود هيرن الصيّاد تأتي فقط من بيركشاير وليس من مكان آخر غيرها حتى نقول أن هيرن الصياد يمثل الإله "سيرنانوس" ! بمعنى لماذا يقولون أن هيرن الصيّاد يُقيم ويظهر فقط في غابات ويندسور في بيركشاير وفي المقابل لم نسمع عنه أو عن ظهوره في أي جزء أو بقعة أخرى غير هذا المكان في كل القارة الأوروبية إذا كان هو نفسه الإله السلتي المُقرن سيرنانوس التي كانت تؤمن به جميع قبائل السلتيك المنتشرة في القارة الأوروبية ، اتساءل فقط ، على الرغم أن بعض الباحثين يعتقدون أن سيد غابات ويندسور في بيركشاير يُمكن بالفعل أن يكون هو نفسه سيرنانوس ... آمل أنكم قد استمتعتم بهذه المادة ونلقاكم في مواضيع أخرى قريباً .
بحث و إعداد : رامي الثقفي
Copyright©Temple Of Mystery
التعليقات
لطالما أتحفنا المعبد بمواضيعه الجديدة والمتنوعة والمميزة ليأتي هذا المقال ويزيد المعبد تألقاً وإبداعاً أكثر فأكثر...لقد لفتتني رواية هيرن الذي ذكرتني هيأته مع القوس بروبن هود.ومع تعمقي بالقراءة أكثر لفتت نظري حضارة الساكسونيين الذين يعود أصلهم إلى الجذور الجرمانية والذين قاموا بإنشاء مستوطناتهم الجرمانية في انجلترا..كذلك فإن وصف هيرن بأنه ربما كان أودين قد ذكرني بقبائل البيرسيركيين الذين هم من من نخبة ومن أشرس محاربي الفايكينغ وقد تم وصفهم بأنهم وحوش مقاتلة كرسوا حياتهم للإله أودين وعليه فقد كانوا يحاربون بصدور عارية ويلبسون فقط جلد الدببة كما كانوا يقضمون أدرعهم و أياديهم تعبيرا عن غضبهم خلال المعركة. في الواقع هاجر البيرسيركيون إلى إنكلترا وأماكن متفرقة خلال الفتح المسيحي وبسبب وحشيتهم قررت ممالك أوروبا الإتحاد للقضاء عليهم وصلبهم وحرقهم...ومن يدري، ربما يكون الصياد هيرن أحد مقاتلي البيرسيركيين الذي نجا بالهرب والإختباء في غابات ويندسور متنكرا بقرون أيل ليموت هناك فتبقى روحه هائمة تتحيّن اللحظة المناسبة للإنتقام والتخلص من عار الهرب...يبقى كل ذلك مجرد افتراضات لأن التاريخ بحدّ ذاته يخفي هذا السر إلى جانب العديد من الأسرار... ختاماً أعتذر عن الإطالة وبالتوفيق دوماً *_*
مقااااال روعه رغم اني ما اقتنعت بي خرافات الاله ذي لانه ربنا واحد ورسولنا واحد اضن اللي في الغابه جني او شيطان ..الخ ) المهم شكرا على المقاله الشيقه استمتعت بل قرائه
مقال رائع احب المقالات الاسطوريه التي فيها شئ من الحقيقه نثير الخيال ولا يستطيع احد ان ينفيها
موقع رائع و مواضيق شيقه
استمعت جدا جدا جدااااا شكرا لك
مواضيعكم رائعة جدا
رائع أنا عاشق للأساطير
موضوع جميل ونتطلع للمزيد
موضوع اعجبني جدا شكرا لك على هذا البحث الرائع
شكرا استمتعت كثيرا موضوع جميل جدا
بحث شيق جدا واعجبني ربطك استاذ بين هيرن الصياد وبين الآله المصرية والاغريقية واودين
موقع جميل جدا
راائع
amazing ! i love it
شكرا جزيلا لقد اطلتم الغياب ونحن ننتظركم بشغف
لأول مره اتعرف عليه ، موضوع جمييل
هذا المقال ذكرني بشعوب الفايكينغ الذين قدموا الى انجلترا وتحديدا بقبائل البيرسيركيون الذين هم قساة وهمجيون وكانوا يحاربون بطريقة وحشية حيث انهم يذهبون الى الحرب عراة الصدر ويقاتلون وهم في حالة من الهستريا بل وكانوا يقضمون أدرعهم و أياديهم تعبيرا عن غضبهم ويمشون بين الأشواك بأرجل حافية وهم فقط يرتدون جلد الدببة تيمنا بالإله أودين وكان الشعار السائد في ذلك الوقت هو أن الحديد لا يقهر البيرسيركيين..وبسبب وحشيتهم الزائدة وغاراتهم الليلية المتزايدة اتحدت الممالك الأوروبية للقضاء عليهم فقامت بصلبهم وحرقهم لتختفي بذلك أسطورتهم ولا أحد يعرف حتى الآن أين ومتى توفي آخر فرد من البيرسيركيين، فهل من الممكن أن يكون هيرن أحد سلالة البيرسيركيين وهو ينتظر فرصة للإنتقام من الذين كانوا السبب في اندثار جماعته لا سيما وأنه يظهر خلال الأزمات البريطانية ويحمل قوسا تماما كما في ذلك الوقت؟