• Search
  • Menu


أبولونيوس التيـاني : هل كان خارقاً ؟

رامي الثقفي    أضيف بتاريخ : 2023-03-26 16:52:13    عدد الزيارات : 4157 زيارة


هذه المقالة ليست عن لوسيفير أو المسيح الدجّال ، وليست عن شخصية عادية أو مجرد فيلسوف كما يقولون ، إنها تدور حول رجل طيب ورحيم ولكن ذو قدرات خارقة للطبيعة ، ولد في نفس الوقت مع يسوع الناصري ، على بعد أميال قليلة من مكان مولد المسيح ، وعندما تحاول البحث في شخصيته لن تجد شيئاً سوى أنه شخصية غامضة وأن علماء الخيمياء والكيمياء العرب كانوا يجلّونه كثيراً ، واعتبره العرب أول من تكلم بالطلسمات .

في الواقع ، منذ سن مبكرة ، كان من الواضح أنه ليس طفلاً عادياً ، فقد كان لديه قوى مجهولة غامضة وادعى أنه من الخالدين ، تقول السجلات القديمة إنه كان يملك قدرات فوق طاقة البشر .

لا يزال من غير المعروف كيف وأين مات بالفعل ، ولفترة طويلة جداً كان يُعتبر منافساً ليسوع ، وكان يمثل تهديداً للمسيحية بإسرها .

كان "أبولونيوس التياني" المعروف أيضاً بإسم الفيلسوف المتجول ، شخصية رائعة للعالم القديم ، غالباً ما تمت مقارنته بيسوع الناصري لأن كلاهما ولدا وعاشا في نفس الوقت ، بالإضافة إلى ذلك ، أظهر كلاهما قوى متشابهة وعلمّا التعاطف والرحمة بين البشر .

كما نحن على وشك أن نبدأ في الحديث عن هذه الشخصية الغامضة ، كان أبولونيوس من نواحٍ عديدة رجلاً ليس من هذا العالم كما هو الحال مع يسوع ، ولأكثر من 2000 عام ، ألهمت تعاليمه العالم الذي تركه وراءه ، خلال حياته سافر "أبولونيوس" إلى العديد من الأماكن ، زار مصر وسوريا ومملكة إسرائيل في ذلك الوقت ، والهند والعديد من البلدان الأخرى ، أولئك الذين كان لهم شرف مقابلته لم ينسوه أبداً .

ولد "أبولونيوس" في تيانا أو ما يسميها العرب طوانة ، وهي " بلدة في تركيا الحديثة" في مقاطعة كابادوكيا الرومانية حوالي 4 قبل الميلاد ، وهو التاريخ الذي يحدده التسلسل الزمني الحديث لميلاد يسوع المسيح .

يُقال أنه في لحظة ولادة أبولونيوس ، نظر الناس إلى السماء وشهدوا صاعقة متصاعدة اختفت لاحقاً عن الأنظار ، فهل كانت المشاهدة مجرد مصادفة أم ربما كانت كائنات ذات ذكاء وقوى أعلى تراقب ولادة هذا الطفل ؟ .

كان المولود الجديد يسمى أبولونيوس ، الذي يعني إبن أبولو الذي كان إله الشمس اليوناني كما هو معروف ، بما يعني أن إسم الطفل هو "ابن الشمس".

ومن البداية ، كان من الواضح أن "أبولونيوس" لم يكن طفلاً عادياً ، كان مميزاً جداً ، ولم يكن جميلاً جداً في مظهره  فحسب ، بل تجاوز جماله وذكائه ومعرفته كل الأطفال الذين كانوا في سنه وحتى الكبار أيضاً ، وعندما كان "أبولونيوس" يبلغ من العمر اثني عشر عاماً ، تم إرساله إلى جامعة طرسوس في سيليكا ، ويُعتقد أن الرسول "بولس" كان حاضراً هناك أيضاً في نفس الوقت ، وبخيبة أمل من سوء التعاليم والعادات السيئة لسُكان المدينة ، غادر "أبولونيوس" طرسوس وانتقل إلى فيرغينا ، وهي بلدة قريبة من معبد إسكولابيوس ، حيث درس أبولونيوس الطب ، وبدأ في دراسة أسرار الشفاء .

وفي سن الـ 16 ، تبنى "أبولونيوس" نظام مدرسة فيثاغورس واتبع أسلوب حياة متواضع للغاية ، أصبح زاهداً للغاية و سمح له ذلك بالنمو الفكري والروحي ، وامتنع عن النساء ، وعن الخمر واللحوم ! .

بدلاً من ذلك ، كان يعيش على الفاكهة والخضار والأعشاب وشرب الماء فقط ، وأوضح أن الخمر يدمر هدوء العقل ، وكان يرتدي ملابس الكتّان فقط وينام على الأرض ، اشتهر "أبولونيوس" بعاداته وانتقاده الشديد بالتضحية الوثنية بالحيوانات .

وعندما توفي والده ، أعطى "أبولونيوس" مُعظم ميراثه لأخيه الأكبر ، وتقريباً كل ما تبقى لأقاربه ، و احتفظ فقط بما يكفي لاحتياجاته الأساسية ، بعد ذلك ، بدأ فترة خمس سنوات من "الصمت التام" من خلال عدم التحدث بكلمة واحدة للناس لسنوات ، بحيث اعتقد أنه يمكنه التواصل مع روح الكون الحيّ ، والعثور على الحقيقة التي كان يبحث عنها ، عزز صمته الذي كان يفرضه على نفسه هالة من الروحية والجاذبية ، فشخصيته الجذابة كانت تجذب الحاج والناس إليه .

خلال حياته ، كتب "أبولونيوس" العديد من الكتب وبعض الأوراق حول مجموعة متنوعة من المواضيع ، مثل الفلسفة والعلوم والطب ، ولسوء الحظ  ، لم ينج أي من أعماله لسبب أو لآخر ، ولكن مصدرنا الرئيسي لأبولونيوس هو سلسلة كتب "حياة أبولونيوس" كتبها المؤلف اليوناني "فلافيوس فيلوستراتوس" حوالي 170 للميلاد -245 مـ  في عام 216 مـ ، يتكون هذا العمل القديم من ثمانية كتب ، وهي السيرة الذاتية الوحيدة الباقية للحكيم العظيم .

وصف "فيلوستراتوس" ذات مرة "أبولونيوس" بأنه إنسان خارق ، يمتلك معرفة بجميع اللغات دون دراسة ، ويمكنه قراءة أفكار الناس ، ويفهم لغة الطيور والحيوانات ، ولديه القدرة على التنبؤ بالمستقبل .

وفي الواقع ، كان "أبولونيوس" مفتوناً بالعقائد السرّية لمختلف الأديان ، وأخذه سعيه إلى الحقيقة إلى العديد من البلدان المختلفة ، فبعد أن أكمل خمس سنوات من الصمت ، دخل معبد أبولو في دافني في أنطاكية ودرس أسرار الكهنوت والأدب ، وفي وقت لاحق ، أمضى بعض الوقت مع جماعة متصوفة التي عرّفه أعضاؤها على ممارسات روحية وعلاجية جديدة .

وفي نينوى ، التقى "أبولونيوس" بشخص يُدعى "داميس" ذلك الشاب الذي أصبح رفيقه المُخلص ، وعندما زار أبولونيوس المجوس في بابل ، قال عنهم : "إنهم حكماء ، لكن "ليسوا من جميع النواحي" وفي حوالي عام 45 بعد الميلاد غادر أبولونيوس وداميس بابل ، وعبرا جبال الهيمالايا وذهبا إلى الهند ، عاش "أبولونيوس" في المعابد بين البراهمة والرُهبان البوذيين الذين كشفوا له معرفتهم الخفية ، وشارك في مناقشات حول أصل الكون ، والتناسخ ، وأسرار الحياة ، والإسترفاع ودروس اليوجا .

في الواقع ، أينما ذهب ، كان "أبولونيوس" حكيماً عظيماً ومعالجاً مبهراً ، واشتهر بحكمته وقواه السحرية ، فقد كان بإمكانه التنبؤ بالزلازل والأوبئة وحتى مقتل الأباطرة .

وفي عام 66 للميلاد ، عندما زار "أبولونيوس" روما ، واجه موكب جنازة لفتاة أقامها من بين الأموات ! وتم القبض عليه هناك ولكن أطلق سراحه عندما فاجأ رئيس الشرطة بسحره وقدراته ، مما تسبب في إطلاق سراحه من لفيف الإتهام .

سافر أبولونيوس مع داميس أيضاً إلى إسبانيا ومصر وإثيوبيا ، ذات مرّة عندما سُجن أبولونيوس هناك ، أثار إعجاب رفيقه المُخلص بإزالة السلاسل بأعجوبة من ساقيه ، وخلال محاكمته ، أوضح للقضاة أنه لا يُمكن أن يُقتل لأنه لا يموت ! ما الذي قصده "أبولونيوس" بالضبط عندما قال إنه خالد أو لا يموت ؟ .

وبطبيعة الحال ، في جميع أنحاء العالم الروماني في ذلك الوقت ، كان يُنظر إلى "أبولونيوس" على أنه تمثيل بشري لأبولو ، الذي كان إله النبوة والموسيقى والشفاء اليوناني ، ثم الشمس لاحقاً ، وكان لا يبدو أن أبولونيوس يتقدم في العمر مثل البشر العاديين ، على الرغم من أنه تظهر ثلاث صور لأبولونيوس ولكن حتى في الصورة المتعلقة بسن الشيخوخة ، كان لا يزال وسيماً للغاية ، وفقاً للإمبراطور نيرفا ، في عمر 100 عام ، كان أبولونيوس أفضل مظهراً مما كان عليه في شبابه أو عندما كان صغيراً في العمر .

وفي عام 96 بعد الميلاد ، أذهل "أبولونيوس" أتباعه بالسقوط في نشوة مفاجئة واصفاً مقتل طاغية ، وفي نفس اللحظة تم اغتيال الإمبراطور الروماني دوميتيان 51 مـ - 96 مـ في روما ، وبعد عام أو ربما عامين ، غادر أبولونيوس هذا العالم ، ولا يزال يكتنف مصيره الغموض ، لا يزال من غير المعروف هل مات فعلاً أو كيف كان مصيره أو أين ذهب ، وعلى أية حال تم بناء ضريح تكريماً له في مسقط رأسه تيانا ، وقد كان هذا الضريح موضوعاً للعبادة لسنوات عديدة لاحقة .

كتبه : رامي الثقفي - Templeofmystery.com

حقوق النشر © templeofmystery.com جميع الحقوق محفوظة لموقع معبد الغموض ، لا يجوز نشر هذه المواضيع والأبحاث و المقالات أو إعادة كتابتها أو إعادة نشرها أو توزيعها كليًا أو جزئيًا دون إذن كتابي صريح من templeofmystery.com

Copyright©TempleOfMystery.com

التعليقات

  • كريم

    هل فى مصادر يمكن الاتطلاع عليها

  • ذات الرداء الازرق

    موقع رائع اتابعه منذ فترة ولكن هذه هي المرة الاولى التي اعلق فيها.

  • خالد علي

    أنا متابع موقع معبد الغموض من 10 سنوات وهو افضل موقع عربي لا يوجد أي موقع عربي يضاهيه ولكنه مقل في المواضيع ونتمنى ان نرى الكثير من المواضيع

  • عرابب

    كنت من زوار موقع كابوس لمدة 14 عاما وبالنهاية اكتشفت ان مدير الموقع اوقف المواضيع الجديدة وسيسمح بنشرها فقط بعد ان نتبرع له بالمال ... وها انا اكتشف موقع اخر واتمنى ان تنالوا اعجابي ...

  • بلال

    على مدار سنوات وانا ادخل الى الموقع ارجوا ان اجد مقال جديد اخيرا عدتم

  • Emna

    موقع و مواضيع رائعة.

  • حمزة داود

    شكرا على ما تتحفه وتقدمنا لنا من مواضيع راقية

  • شاهين

    لأول مره أتعرف على هذه الشخصية ,,, موضوع جميل كالعادة

  • ماجدة

    المقال رائع جدا والرسومات تُحفه.

  • ياسر ابراهيم

    المقال جميل جدا ورائع والموضوع شيق لكن أعتقد انه ربما يكون المسيح الدجال

  • احمد

    أخيرا عدتم بالمواضيع الرائعة بعد غياب

  • شهد

    موضوع قيم ورائع

  • فاطمة محمد

    موقع رااائع

أضف تعليقك


من فضلك أدخل الاسم

من فضلك ادخل نص التعليق