• Search
  • Menu


الجحيم : في معتقدات الشعوب

ندى العمراني    أضيف بتاريخ : 2014-03-21 13:59:28    عدد الزيارات : 14556 زيارة


إن الجنة و الجحيم بُعدان ينتميان إلى عوالم ماورائية لا مادية أرقاها هي الجنّة وأدناها هي الجحيم ، و وصفت الجحيم بأنها مجموعة عذابات و آلام في مكان ما حيث يذهب إليها الخاطئون في تلك الطبقة السفلية التي تستعر فيها ناراً أبدية لا تنطفئ مرتبط وجودها بالعقاب والذنب ، في الحكايات الميثولوجيه يكثر الحديث عنها كمكان محض تزوره الآلهة و الأبطال ، وتسكنها الأرواح الشريرة والوحوش ويدخلها كل من إتبع مسارات معوّجة وخطى خطوات خاطئة في حياته وضاع في السراديب المظلمة جراء إنغماسه في الملذات وإرتكابه لإخطاء كبيرة بحق نفسه وبحق الآخرين لم يعاقب عليها في الدنيا ووجب معاقبته في الآخرة على ما إقترف من ذونب وخطايا جسيمة ، في بعض الحضارات نجد أن وجود جهنم هي فكرة ثابتة لا تتغير ويختلف مفهومها وعقابها من حضارة إلى أخرى ، فما هي الجحيم ؟ وكيف وصفتها الحضارات القديمة ؟ ولماذا ينكرها الفلاسفة كأرسطو وأفلاطون ؟ 


جهنم أو الجحيم 


جاءت كلمة جهنم لنجد أن أصلها عبري و يدل معناها على مكان هو كناية عن واد يقع تحت أسوار مدينة القدس ، حيث اعتبر الوادي مكاناً مقدساً كان يؤمه المؤمنون لتأدية طقوس العبادة لوثن كنعاني مولع بالضحايا البشرية يدعى مولوخ ، وهدم الملك يوشيا ملك يهوذا 640-609 ق.م النصب وحول المكان إلى مكب للنفايات تستعر النار فيه ليل نهار ، فأصبح مرادفاً للجحيم ، فكلمة جحيم inferno اللاتينية تعني المكان المنخفض شديد الحرارة ، أما كلمة hell الإنجليزية فمشتقة من اللفظة التوتانية وتعني المكان المحجوب أو المخفي ، أما في الترجمة الإنجليزية للتوراة فكلمة hell تدل على معنيين : بالمعنى العبري هو المكان الواقع تحت الأرض الذي تؤمه نفوس جميع الموتى بغض النظر عن أعمالهم وأخلاقهم التي كانوا عليها قبل الوفاة ، والمعنى الثاني هو أن جهنم المكان الذي يُعاقب فيه الأشرار على ما ارتكبوا من خطايا ، وهو المعنى الذي تبنته المسيحية والديانات التوحيدية الأخرى.


الجحيم : في معتقدات الشعوب 




عند الشامانيين

عند الشامانيين هناك شخص واحد على معرفة مباشرة بجهنم هو الشامان الكاهن العارف والمسلح بقوى خاصة تسمح له خلال طور من الإنخطاف قد يدوم ثلاثة أيام أن ينحدر بالروح إلى مملكة الأموات ليصحب روح المتوفى ويساعدها على اجتياز العراقيل ، وبعد عودته يطلع الناس على تجاربه ، حيث أن السفر الجهنمي بالنسبة للشامانيين مزروعة بالفخاخ وأكثر ما يتكرر منها إجتياز جسر ضيق جداً وغالباً ما يكون بعرض الشفرة يمتد فوق هاوية سحيقة حيث يسقط منها قليلوا الخبرة وإما الذين لا يجتازون الحواجز فمصيرهم يبقى غامض ومجهول ، جهنم عند الشامانيين ليست مكاناً للعقاب بل هو تدريب وتلقين ! وعند قبائل الموسو تُبسّط خارطة أمام الميت لتدله على طريق جهنم المحاطة بتسعه أسوار تفصل ما بينهما جسور تحرسها الشياطين ثم بعد أن يجتاز المتوفى سبعة جبال من ذهب يصل إلى شجرة طب الخلود ، وعند شعوب الألتاي على الإنسان المتوفى أن يجتاز مسافات شاسعة وصحارى وجبالاً وسهولاً ومحيطات  قبل أن ينحدر في ثقب يوصل إلى سبعه أدراج هي حواجز يشوبها طابع تدريبي ، ثم يصادف الجسر الشهير و أخيراً قصر أرليك خان ملك الجحيم الذي تحرسه الكلاب .

عند شعوب الأنكا والمايا والأزتك

يؤمن الأنكا بأن بعد هذه الحياة حياة أخرى تجلب العقاب للأشرار والسعادة للأبرار ، ويدعون شعب الانكا أن في باطن الأرض ما يسمونه "أوكاياشا" أي العالم السفلي وهو مسكناً للأشرار وأيضا لديهم اسماً آخر هو "كوبايا هواسين" أي بيت الشيطان ، وجهنم لديهم مليئة بالأمراض والشرور التي تصيبهم في الدنيا ولا وجود للراحة في داخلها ، ونجد الجحيم عند شعوب المايا والأزتك  قائماً تحت الأرض وهو لا يحتوي على أي نظام عقائدي ، ولكننا نلاحظ أن الجحيم عند الأزتك هي أكثر تنوعاً منه عند المايا حيث يخضع لسبب الوفاة وليس للمسلك الأخلاقي ، ويبلغ الميت جهنم بعد سفر طويل وشاق يصل في نهايته المحاربون الذين قتلوا في المعارك إلى منطقة الشمس الشارقة والنساء اللواتي توفين أثناء الولادة إلى منطقة الشمس الغاربة ، والأولاد الذين ماتوا بسن صغيرة إلى مكان حيث تتخذ الأشجار شكل أثداء ، ويقيم الغرقى والمصعوقين في بيئة خصبة تدعى" تلالوكان " وجهنم لديهم هي الميتلان يحكمها "ميكتلا نتكوهيي" وشريكه "ميكتلا نسيهوانك ".

المصريون القدماء 

إن العالم الأخر عند المصريين القدماء أو في عصر الفراعنة هو صورة مشوهه لما نألفه على الأرض ، حيث أن كل شيء كبير و أكبر من مثيلة في الحياة الدنيا وأبعاده تقاس بالمقاييس المقدسة ، فأبعاد العالم الآخر يتجاوز كل الأبعاد الأرضية عند المصريين القدماء ، وكذلك يختلف الزمن أيضاً فالساعة الواحدة للرحلة الليلة تعادل عُمراً كاملاً من عُمر الأرض ، وكل الأشياء تكون معكوسة ، فالمُدانين والمذنبين لديهم عقوبات مختلفة تطبق بالعالم الآخر وفقاً لمقاييس محددة ، و إن الضوء الواهب للحياة لا يصل إليهم ويحرمون من الطعام والشراب وتقطع عنهم أنفاس الحياة وهم يقفون على رؤوسهم ويأكلون من فضلاتهم ويحرمون من الملابس النظيفة ويتركون عرايا ومقيدين ومحرومين تماماً من وسائل الدفاع وتُمحى أسمائهم وكل ما كان يذكر بوجودهم حتى دافناتهم تلغى و كذلك تُلغى النصوص على أربطة المومياوات التي سوف تمزق ولن يبقى منها شيئاً ، إلى جانب بعض العقوبات كالسجن أو التقييد والشبكة والنار وتوجد بعض الأماكن للإبادة التامة منها المراجل حيث يلقى بالرؤوس والقلوب والجُثث والأرواح والظلال و الماء المغلي .


بلاد ما بين النهرين 

إن جهنم هي للأشخاص الذين كان مصيرهم على هذه الأرض تعيساً أو الذين خرجوا على القانون هؤلاء لا يخضعون للتعذيب ولكونها نفوس ساخطة ومحبطه فهي في جهنم تصبح عدوانية وشريرة  يعذب بعضها ببعض وقد تعود إلى الأرض لتنتقم من الأحياء وتنغص عيشهم ، فهم وحوش وجلادو أنفسهم في جحيم تشدد الرقابة عليه فلا يفلت منهم احد . هذا ما تقوله الألواح الأكاديه من الألف الثاني قبل الميلاد ، وتوحي بعض الأساطير السومرية والآكاديه التي تعود إلى عصر واحد بأن الأرواح تمثل عند الموت أمام الالهه ، فلكي تذهب الالهه السومرية إنانا " عشتار عند الآكاديين " إلى زيارة الجحيم حيث تحكم أختها إشكيغال عليها بأن تعبر سبعة أبواب وعند عبور كل باب ينتزع كل مرة ثوب من أثوابها وما أن تقع عليه عيناها فهذا لا يبعث السرور على الإطلاق ، ومن نصوصهم  الغبار نصيبهم والصلصال طعامهم لا يرون النور بل يعيشون في الظلمة ، يلبسون كالطيور الأجنحة أكسيتهم ، الباب والقفل يغشاهما الغبار ، وأيضاً الأرواح المجنحة تقتات من الوحل لا أمل لهم بالفرار ، سبعة أسوار ضخمة تحيط بجهنم وتهول الحضارة الآشورية من أمر منظر جهنم فقد تبدو مملكة إرشكيغال مأهولة بمسوخ الآلهة فأنصافهم رجال وأنصافهم حيوانات.

إيران القديمة

إن النفس تتابع بعد الموت رحلتها في سفر تقليدي كما في الديانات السابقة حيث تسافر عبر الأجرام السماوية أو عن طريق سفر أرضي بقيادة فتاه معها كلبين ، ثم تصل هذه النفس إلى جسر توجد عبره مملكه "أهورا مازدا" هذا الجسر وهو عبارة عن سيف يجتازه الصالح على صفحته والخاطئ على حده وقد ذكرت احد النصوص المقدسة" تقطع الطريق على النفس فيقع رأسها أولاً من أعلى الجسر في جهنم ، وتتلقى التنكيل المناسب وحسب ما جاء به الكاهن زارا توسترا أو زرادشت بمذهبه المزدكيه في نصوص الأفستا ، وإن مصير الإنسان بعد الموت تقرره خياراته في هذه الحياة وأن النفس هي المبدأ الروحي والقادرة على الإحساس والإنفعال تفصل عن الجسد ، وفي اليوم الرابع تواكبها أرواح صالحه وشياطين فتصل الى مكان الدنيوية التي يقوم بها ثلاثة آلهة وهم مهر و راشو وسروش  فتوزن أعمالها بميزان من ذهب فتؤمر بعد ذلك باجتياز جسر الثواب ، أما النفس الشريرة التي فضلت في هذه الحياة إله الشرّ "إنغرا ماينو" فيتقلص الجسر وتسقط هذه النفس في جهنم .
ومصير هذه النفس في ترانيم زرادشت الليتورجية "ظلمات تدوم زمنا طويلاً ، طعام نتن ، صرخات يأس وضيق ، تلك هي الحياة التي استحقتها أعمالكم عدوة الايمان " وبعض النصوص تقسم جهنم إلى ثلاثة أقسام مخصصة أحداها للأفكار السيئة والثاني للكلام السافل والثالث للأعمال الشريرة ، أما في الأسفل "ظلمات لا تنتهي" للذين كانوا شرار بكليتهم .


الصين


في الأساطير الصينية المبسطة نجد أن جهنم يطلق عليها Diyu والتي تعني حرفياً سجن الأرض ، وهي مأخوذة من مفهوم البوذية ناراكا ومن المعتقدات الصينية التقليدية ، ويحكمها "يانلو وانغ" ملك الجحيم في دهاليز ومتاهات تحت الأرض وهناك غرف تسكن فيها النفوس للتكفير عن خطاياهم الأرضية عندما كانوا أحياء ، حيث يبقون في مكان العذاب ليس فقط للمعاقبة ولكن لتجديد الأرواح إستعداداً للحياة الأخرى في المستقبل وهناك العديد من الآلهة المرتبطة بهذا السجن لها أسمائها وصفاتها ، ووفقاً لبعض الأساطير الصينية هناك ثمانية عشر مستويات في الجحيم يختلف العقاب ايضاً فيها ، وتتفق معظم الأساطير الصينية أن الأرواح بمجرد أن تكفر عن ذنوبها تتحول إلى أشباح في العالم الأرضي وتولد من جديد .

الجرمانيين والإسكندينافيين

بالنسبة إليهم هي مكان بعيد مقفل يمكن الوصول اليه بعد سفر طويل معرض للأخطار وهو بأغلبيته سفر بحري ، وتوحي بعض التنبؤات في ديانة أدونيست بدينونة وعقاب على الأخطاء المقترفة على هذه الأرض ، ولكن يبدو أن الوظيفة الإجتماعية هي المعيار الأساسي للتباين حيث تصبح الجحيم مقراً للمحاربين الأموات في قصر فخم حيث يقيم المحاربون الحفلات والولائم بصحبة الالهة أودين ! . 


إفريقيا السوداء

نجد أن جهنم في قبيلة السيرير في السنغال هي في مكان يسمى "هونولو" في باطن الأرض ، وبالنسبة إليهم هو مكان مشئوم حيث يفقد الإنسان قواه شيئا فشيئا ، وعند قبيلة "الديولاس" في المنطقة ذاتها يرتبط مفهوم جهنم بالفكرة الأخلاقية وهي أن الإنسان مركب من ثلاث أقسام ، قسم صالح وقسم شرير وقسم ممتاز وعند الموت يتلاشى القسم الشرير أما القسم الممتاز سوف يذهب إلى الجنة ، ويعود القسم الصالح من جديد إلى الحياة ، والمصير الذي ينتظر الميت هو متعلق بهذه الأقسام وفي بعضها البعض فإذا كان القسم الشرير هو الغالب يتلاشى الإنسان كلياً .

 
 

جهنم في الأديان السماوية 

 

في اليهودية جاء في سفر دانيال "ويكون وقت ضيق لم يكن منذ كانت أمة إلى ذلك الزمان وفي ذاك الزمان ينجو شعبك وكل من يوجد مدونا في الكتاب وكثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون بعضهم للحياة الأبدية وبعضهم للعار والرعب الأبدي"  12 1-2 حيث أنه عند الموت تذهب النفس لتستقر في الجحيم في منازل منفصلة للصالحين وللأشرار بانتظار الدنيوية الأخيرة عندئذ يذهب الأولون الى "جنّة عدن" والآخرون إلى جهنم وهي مكان قائم في الغرب ، وقد جاء في التلمود انها مؤلفة من سبعة منازل بعضها فوق بعض ، تسيطر في جميع طبقاتها ناراً قوتها في كل منزل تزداد ستة أضعاف عن المنزلة التي فوقها وعلاوة على النار هناك أهوال مختلفة عبارة قاعات مظلمة تعج فيها العقارب وأخرى يضطر فيها المعذب إلى التهام أعضائه ، ولكن هذه العذابات هي وقتية وغايتها التطهير من الآثام وبعد انقضاء فترة التطهير تذهب النفس إلى جنّة عدن باستثناء الخطاة الغلاظ الأكباد .


في المسيحية 


الجحيم "بحيرة النار" هو المكان الدائم والنهائي لعقاب الضالين ، حيث أن العذاب في جهنم  يشمل النفس والجسد معاً فحينها تلبس الأرواح الأجساد و يطرح الجسد والنفس معاً في مكان العذاب "لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ" إنجيل متّى 10:28 لوقا 12:4 وإن العذاب الأبدي الذي سيلقاه الأشرار والذين لا يؤمنون بالله ولا ينفذون وصاياه فهم سوف يلقون في بحيرة النار والكبريت حيث دودهم لا يموت ونارهم لا تنطفئ ، وتقف أمامهم كل صور خطاياهم إِنْ أَعْثَرَتْكَ يَدُكَ فَاقْطَعْهَا ، خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَقْطَعَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ يَدَانِ وَتَمْضِيَ إِلَى جَهَنَّمَ، إِلَى النَّارِ الَّتِي لاَ تُطْفَأُ مرقس 43:9 وغير بحيرة النار التي يرمى فيها الخاطئون هناك تسع أنواع من العذاب أخرى و هي البرد وأفاع ضخمة ، النتين ، وضجيج يصم الآذان وظلمات بلغت من الكثافة حداً يمكن معه لمسها ورؤية رؤوس شياطين كريهة المنظر ، وكذلك سلاسل من النار تكبل المُعذبين والأشد من ذلك كله هو عذاب الضمير.

في الإسلام 

في الإسلام جهنم هي مكان تعذيب وانتقام "الله" من الكافرين ومن العصاه ، حسب ما دل على ذلك القرآن الكريم ، ويدخلها من كتب عليه الله الشقاء بعد الحساب يوم القيامة ، وتعتبر جهنم من الغيبيات التي لا يمكن وصفها لما فيها من شدة العذاب والتنكيل ، ونجد أن العدد سبعة وأضعافه يلعب دوراً اساسياً عند ذكر الجحيم أو النار وصفاتها ، على سبيل المثال سبعه أبواب وسبعه طوابق تتضاعف فيها الحرارة سبعين مرة عند الإنتقال من طابق الى طابق أسفل ، يجرّ مجموعة الهالكين 70000 ملاك ،  ولجهنم أسماء و منها النار ، الْحُطَمَةِ ، سقر ، الهاوية ، السعير ، جهنم سوداء ، وأهلها سود ، حيث كل شيء فيها أسود ، ومن عذاب أهل النار سحبهم على وجوههم  يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ  القمر 48 ومن أهل النار من يعذب بالصعود إلى أعلى النار ثم يهوى فيها ، ومن يدور في النار ويجر أمعاءه معه ، وهناك من يلقى في مكان ضيق لا يتمكن فيه من الحركة لضيقه "وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا" الفرقان 13 ، ويحدد بعض العلماء مكان النار في الأرض السابعة في سجين "قيل هي الأرض السابعة" كما أن العرش سقف الجنة في السماء السابعة ، فالمخلوقات كلما إرتفعت اتسعت ، وكلما هبطت تضايقت ، فالجنّة في أوسع مكان وأعلاه ، والنار في أسفل مكان وأضيقه.

جهنم في الفلسفة والأدب

إن مفهوم جهنم يرفضه المفكرون الكلاسيكيون فهم يعتبرون ان فكرة الآلهة التي تحاكم الناس على أعمالها هي غير معقولة ، فنجد أرسطو يقول أن موت الفرد كونه شاملاً النفس والجسد ، إذاً فلا وجود لجهنم في العالم الآخر ! وجهنم عند "شيشرون" هي ترهات شعراء والخيار الوحيد هو بين الأبدية السعيدة وبين العدم ، وفي حين نجد أن "أفلاطون" لا يؤمن بجحيم دائم لأن دورة الكون تدوم عشرة آلاف سنة يُعاد بعدها صياغة الكون من جديد ، ويخبرنا الفيلسوف "لوكريس" في كتابه "في الطبيعة" أن الأساطير التي تتحدث عن جهنم هي من إختراع الأديان من أجل فكرة الثواب والعقاب ، فلا وجود لجهنم ابداً ، أما في الكوميديا الإلهية لـ "دانتي أليجيري" و هي من أكبر الأعمال الأدبية في القرون الوسطى التي حدد زمن تأليفها مابين سنه 1308 و 1326 و أبدع "دانتي" في وصف الجحيم وأضفى عليها من عبقريته بُعداً فريداً تتفجر طاقته من أنهار صورة الرعب والصرامة الفكرية المنطقية والرمزية ، ويصف "دانتي" عذاب من أدخلوا الجحيم بسبب معاصيهم خلال حياتهم ويتعرض إلى تفاصيل التعذيب والآلام التي ستصيبهم ، ويعتبر "دانتي" الجحيم مركز الأرض الضرورية لحشر الأشرار وتهيئة الجو لصعود الأطهار ، ويعد قسم جهنم الأشهر في هذه الملحمة.


موسيقى الجحيم


في النهاية أختم وأقول أن جهنم سواء كانت أو لم تكن فهي مرتبطة دائماً فكرة العقاب والدنيوية وجميع الأديان أكدت على وجودها وهي جزء من الإيمان نفسه ، إلا أنه سواء كانت جهنم أزلية أم عابرة أو أسطورة فهي مرآة لفشل كل حضارة في حل مشاكلها الإجتماعية وهي ستكون مصدر الغموض والحالة الإنسانية ايضاً للمجتمعات والأديان ، و طالما ظل الإنسان عاجزاً عن حل لغزه الخاص فإنه سوف يتصور جهنماً ما في مخيلته  .

بحث وإعداد : ندى العمراني
Copyright©Temple Of Mystery

 

التعليقات

  • اللهم اغفر والداي وارحمهما كما ربياني صغيرا اللهم امين الفتى فارس

    السلام عليكم ورحمة الله وبراكته اهلا وسهلا يا ندى ان شاء الله تكونين بالف حال صحة وخير امين يارب الكون والعالمين لقد قرأت المقال بالكامل وهو رائع في قسم الإسلام فقط اتعرفين لماذا لأني تركت كل تلك المعتقدات التي تكفر بالله وتعدد الالهة التي لا وجود لها في الحقيقة وايضا تلك التي تعتقد خطأً بالجحيم وما تحتويه في الحقيقة ان جهنم في حقيقتها تحتوي على انواع العذاب والتقييد التي لا تحتمل ولا تنتهي في الواقع عكس ما تضن بها كل الاديان عدا دين الاسلام لما لان الله هو الذي خلق النار بنفسه وجعلها لمن عصاه وكفر به ولحد بدينه او كذب به او اجرم بحق نفسه في الحقيقة الجحيم في هذه الساعة لم تكن سوداء بل كما قال الرسول محمد عليه الصلاة والسلام كانت بيضاء اولا ثم حمراء ثانيا حتى استودت فصارت سوداء بل واشد وانا في الجحيم ما لا يحتمله انسان ففيها من يسحب على قدر عمله فمنهم من يسحب على وجهه ومنهم على قدميه او ركبتيه وتقدر هناك العذاب باعمال الانسان وفيها اهلها يسقون ماء حميم حرارته بلغت ما بلغت من الحرارة ويأكلون طعاما من شجرة طلعها كرؤوس الشياطين وفيها اهلها يلبسون ملابس من قطران تغشى وجوههم النار ويأتيهم الموت من كل مكان وهم فيها خالدون لا يموتون فيها ولا تخف عليهم العذاب ويعذب فيها العصاة المسلمين ومنهم المذنبين المؤمنين على قدر ذنوبهم ومعاصيهم في الدنيا ويخرجون منها بعد العقاب اما من شفاعة الانبياء او من رحمة ارحم الراحمين الله الرحمان الرحيم وان الله اعطانا حرية الاختيار من رحمته تعالى بنا وان اختيار الجنة او النار هي مقترنة فقط بالديانة او العمل وان خيال الانسان الخاص به التي قلتيه في نهاية المقال هو الايمان والروح السائدان منذ الولادة فالانسان يتخيل ايمانه ان يوكن مسيحي او مسلم فذاك في خياله بغض النضر عن اختياره واما الروح فهي من امر الله تعالى وكما قال الله تعالى قل الروح من امر ربي وما أتويتم من العلم إلا قليلاً صدق الله العظيم وعندما أخرج الله إبليس من الجنة مطرودا ملعونا قبيحا ذليلا قال الحق تعالى الحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين صدق الله الظيم هذا والله تعالى أعلم وهذا هو كل ما لدي ومقال جميل جدا وشكرا جزيلا والسلام عليكم ورحمة الله وبراكته :)

  • هبه

    موضوع جميل ورائع

  • Psycho

    أليس هذا ملخصاً شاملاً لكتاب تاريخ جهنم؟.. عموما المقال ممتع شكرا لك.. اعتقد أن جهنم بالنهاية فكرة شخصية، أي كل إنسان له حريته باختيار جهنمه التي يراها، بدون قيود الدين أو المعتقدات، وقد لا يستطيع الإنسان تكوين هذه الفكرة فلا يعترف بوحودها، المشكلة في أن البشر يريدون فرض افكارهم على الجميع.. كما لاحظت في إحدى التعليقات أشخاصا مسلمين و اشخاصا مسيحيين كلهم يدعون للايمان مع اسلوب يؤكد ويفترض صحة ما يقولانه و كلاهما يناقضان نفسيهما.. هذه المشكلة لن ينتهي أبدا..

  • علي

    روعه بحث شامل كامل ومعلومات غاية في الأهمية عن الجحيم ، مبدعة استاذه ندى ونطلع لمواضيعك القادمة

  • ساهر الليل وطن النهار 3

    الاستاذ ه ندى مقال اكثرمن رائع ومفيد... وسؤالي .. هل ممكن لبعض الناس ان. يسمعو شيئا من عذاب القبر كما ذكر بعض علماء الاسلام ....لك الشكر والتقدير

  • شيماء

    اشهد ان لا اله الا الله و اشهد ان سيدنا وحبيبنا محمد رسول الله اللهم اجعلها اخر كلامى فى الدنيا وجميع المسلمين اللهم انى اعوذ بك من عذاب النار وعذاب القبر اللهم ثبت قلوبنا على دينك اللهم انا نعوذ بك من فتن المحيا والممات اللهم لا تحرمنا لذه النظر الى وجهك الكريم اللهم اعفو عنا اللهم ارزقنا الفردوس الاعلى من الجنه اللهم ارزقنا شربه هنيءه مريءه من يد حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم اللهم امين

  • TheGrace النعمة

    أين ستذهب بعد الموت? الى السماء او الى الجحيم? روحك غالية وخالدة اعرف اتجاهك الآن قبل فوات الأوان.جدد حياتك اطلب النجاة من الرب يسوع الفادي المنقذ ------ الرب يسوع المسيح فداك بدمه. مات عنك وقام هو حي.يحبك يدعوك ليخلصك من كل خطاياك ويمنحك حياة أبدية. اقبله الآن في قلبك. جرّب التجربة أعظم برهان اسماعيل يشهد انه آمن بكفارة الرب يسوع المسيح الفادي. تاب ونجى من جهنم النار. صار له يقينا أكيدا في الذهاب الى السماء لأن الله سامحه بالكامل تبت خلصت من خطاياي وتبررت . أصبحت خليقة جديدة . نلت الغفران والحياة الأبدية عندما آمنت بالرب يسوع المسيح الحي وفداءه. الخاطي المبرر اسماعيل مريم طلبت من الله بإلحاح ان يظهر لها الحق رأت الرب يسوع برؤيا يدعوها لاتباعه قال لها تعالي اليّ آمنت به تائبة.نالت منه عفواً والحياة الأبدية في النعمة فرصة للقاء المُخلِّص يسوع المسيح http://www.TheGrace.net خلاص غفران سلام حياة يقين رحمة محبة في المسيح http://www.TheGrace.org النعمة تقدم الإنجيل الكتاب المقدس http://www.TheGrace.com

  • تيسير بلان

    الان الكل يجمع ودون استثناء اي دين او معتقد بان هناك ثواب وعقاب ثواب للذين كانت حياتهم واعمالهم صالحة وعقاب للذين كانت اعمالهم شرا . المهم ان الذي يرتكب الاعمال الشرانية بعد الممات يجب ان يعاقب بما جنته يداه من اعمال الشر بغض النظر عن الطريقة او المبدأ فكلها بالتالي تؤدي الى العذاب والمعاناة والالم وهو جوهر الموضوع . ودمتم

  • مها احمد

    مقال رائع استاذه ندى

  • ادهم خالد

    والله انتا بجد بجد جميل جدا ورائع واجمل حاجة التفصيل الضقيق واجو من الصفحة تنزل الموضيع الجديدة معى تاكدى انو مش حاجة سهلة بس ربنا معا الى بيكت المواضيع الرائعة دى والف شكر لكم

  • حميد الرملي

    شكرا على هذا البحث المهم و تقريب المعلومة للقارئ. فقط كنت أود، بخصوص الخلاصة، لو تفضلت بشرح مسألة اللغز الخاص للإنسان و تمثله.. ثم علاقته بالمتخيل عن جهنم مع ربطه بالمعتقد ... و ذلك للانتقال من بسط المعلومات المرتبطة بالديانات و الشعوب إلى اختزال عام عن علاقة الفرد بذلك بغض النظر عن كل هذه المنطلقات... و هو في نظري جد مهم و يكاد يكون الأهم، انطلاقا من التأمل في جميع هذه الرؤى للخروج باستنتاج جامع يمكن الاعتقاد به أو الإستئناس به ... و شكرا

  • ahmed

    مشكور

  • ND_ZI

    مقال رائع وممتع , بَيّن المفاهيم المختلفة للجحيم لدى الشعوب والديانات , تمنياتي لكِ بالتوفيق .

  • أم الحارث الجعفر

    معلومات رائعة مشكورة جدا...وما يجب ملاحظته هو اشتراك كل الحضارات والشرائع برفضها القطعي للخطايا والذنوب....

  • اسمــــــــــــــــــاء

    تعددت الاسماء في مختلف الثقافات والاديان والمعتقدات لكنها اجتمعت في الهدف وهو التعديب والتنكيل ,,,,,,,,, تانكيو على المعلومات والمقال

  • علاء احمد

    موضوع رائع شكرا لكم

  • يار ا

    بحث رائع ومجهود واضح مشكورة واتمني لك التوفيق دائما :)

أضف تعليقك


من فضلك أدخل الاسم

من فضلك ادخل نص التعليق