• Search
  • Menu


كيتيج : و نبوءة نهاية الزمان

رامي الثقفي    أضيف بتاريخ : 2017-03-24 15:54:34    عدد الزيارات : 10941 زيارة


غالباً ما يُعتقد أن الأساطير بشكل عام والأساطير القديمة على وجه الخصوص تستند على أسُس تاريخية ثابتة وإن شابها بعض التهويل والزيادات و التضخيم ، كذلك على ما يبدو أن بعض الأساطير والأحداث التاريخية القديمة قد تحمل رسالة للأجيال القادمة ، و قصة كيتيج ليست إستثناء ، حيث تقول لنا الروايات وبعض النصوص الدينية القديمة أن هناك مدينة غارقة مرتبطة بنبوءة خاصة سوف تنهض من تحت الماء قبل نهاية الزمان ، والشيء المثير للإهتمام حقاً أن هناك مؤشرات تدل على أن هذه المدينة القديمة كانت موجودة بالفعل .

 

أسطورة كيتيج

 

كيف و متى ظهرت أسطورة كيتيج ؟ لا أريد من أحد أن يسألني هذا السؤال ، في الواقع من الصعب أن نقول ذلك على وجه اليقين ، وكل ما نعرفه أن أول ذكر لهذه الأسطورة كان تقريباً في عام 1786 عندما ظهرت قصة في كتاب يدعى "كيتيج كرونكيل" تتحدث عن مدينة غارقة تحت بحيرة سفيتلاوير في روسيا ، و في الحقيقة أن هذه الرواية تستند إلى حدث تاريخي قديم ومهم وفقاً للتقاليد الإيمانية والتنبؤات الخاصة لنهاية العالم لعدد من الرُهبان الذين ينتمون إلى الكنيسة الأرثوذكسية الروسية ، بمعنى أن كيتيج هي "علم" من علامات الساعة بالنسبة لأبناء الطائفة الأرثوذكسية الروسية ، و وفقاً للأسطورة أمر الأمير الروسي "يوري الثاني"  الذي كان يُسمى في ذلك الوقت الأمير الكبير في فلاديمير 1188-1238 ببناء مدينة جديدة و جميلة على نهر الفولجا في وسط روسيا ، وتم بناء تلك المدينة بالفعل على الشكل والوجه المطلوب و سُرعان ما أصبحت المدينة مركزاً تجارياً مزدهراً واشتهرت بالقباب الذهبية الرائعة و بالكنائس الجميلة المبنية من الحجر الأبيض ، بالإضافة إلى أن تلك المدينة كانت أيضاً وجهة روحية وإيمانية خاصة و مكاناً لأداء مناسك الحج ، وكما أشرت في مقدمتي أعلاه يُعتقد أن مدينة كيتيج قد تكون موجودة الآن تحت بحيرة سفيتلاوير بالقرب من نيجني نوفوغورد في روسيا  .

 

غزو المغول

 

في تلك الأثناء كانت الإمبراطورية المغولية في أوج قوتها ، وهي في الواقع كانت إمبراطورية مرعبة مثّلت في ذلك الوقت أكبر خطر مرّ على تاريخ أوراسيا و ربما في العالم ، و بعد وفاة إمبراطور الإمبراطورية المغولية "جنكيز خان" تولى "أوقطاي خان" مقاليد الحكم في إمبراطورية المغول وأرسل إبن أخيه القائد العسكري "باتو خان" 1205-1255 وهو المعروف بتأسيسه ما يسمى بالـ "المدينة الذهبية" لغزو أوروبا ، و في نوفمبر عام 1237 إجتاح "باتو خان" أراضي البلغار ومن ثم زحف بجيشه العرمرم نحو حدود أراضي فلادمير و سوزدال ، و سُرعان ما سقطت مدن روسية مهمة وكبيرة مثل موسكو و ريازان و تفير و برياسلافيل و روستوف وغيرها من المُدن الأخرى تحت قبضة المغول ، وفي أثناء ذلك الزحف المغولي لم يتمكن جيش فلادمير بقيادة إبن الأمير يوري من إيقاف زحف المغول المتقدم نحو مملكتهم ، إلى أن وصل الجيش المغولي إلى مشارف مدينة فلادمير و بدأ في حصارها ، حيث إستمر الحصار لمدة 7 أيام وطلبوا من الأمير يوري تسليم المدينة لهم وإعلانه الولاء والطاعة لحاكم الإمبراطورية المغولية وإلا سوف يقومون بتدمير المدينة ويقتلون كل من فيها من نساء و أطفال وشيوخ وكبار في السن فضلاً عن المقاتلين ، ولكن الأمير يوري رفض الإستسلام تماماً وفضّل أن يواصل القتال و مقاومة الجيش المغولي ، واستمر المغول في حصار فلادمير واشتد القتال تحت جدران المدينة إلى أن تقلصت أعداد جيش الأمير الروسي ولم يعد بالإمكان الإستمرار في المقاومة ، وما كان من الأمير يوري إلا أن يأمر قواته بالتراجع نحو "كيتيج" وهو تصرف غريب جداً لأن كيتيج ببساطة لم تكن مدينة مُحصنة ، حتى القائد المغولي "باتو خان" ورجاله كانوا في غاية الدهشة من تصرف الأمير يوري ، عندها أدرك سُكان "كيتيج" أن الجيش المغولي قد إقترب من المدينة ومن القضاء عليهم ، و بدلاً من البدء في إعداد خُطط أو وسيلة للدفاع عن أنفسهم قام سُكان المدينة بالـ"الصلاة" فقط والدعاء إلى الله لإنقاذهم وإنقاذ أطفالهم ، ثم حدث شيء مروع لم يكن في الحُسبان ، فقبل أن يقوم الجيش المغولي بالهجوم على المدينة ، إنفجرت المياه من تحت الأرض على نحو مفاجيء وبدأت الآلاف من النوافير المائية تتدفق وتنتشر من حول أفرد الجيش المغولي الذين كانوا يشاهدون ذلك المنظر المهيب حتى شعر المغول بالرعب والخوف الشديد وبدأوا في التراجع ، و غطت المياه والأمواج المباني والمنارات و القبب و اختفت مدينة كيتيج تماماً تحت مياه البحيرة ، ذهب كل شيء ، و غرقت المدينة بأكملها .

 

كيتيج سوف ترتفع من المياه في نهاية الزمان

 

كما قلت لكم أعلاه هناك إرتباط بين مدينة "كيتيج" وعلامات نهاية الزمان أو علامات الساعة لأبناء الطائفة الأرثوذكسية الروسية ، وفي الواقع يجب أن أقول أن علامات نهاية الزمان ليست حصراً فقط على أبناء تلك الطائفة ، تقريباً كل الأديان والطوائف الدينية توجد بها العديد من النصوص التي تتحدث عن عوالم مفقودة وممالك خفية و حتى المخلوقات الأسطورية ، وسواء كنت دينياً أو لا فهذا القصص لها شعبية كبيرة بين الملايين من الناس ، وأبناء الطائفة الأرثوذكسية الروسية ليسوا إستثناء من ذلك ، حيث يعتقدون أن كيتيج سترتفع من المياة قبل نهاية الزمان أو عندما يأتي يوم القيامة ، بل أن بعض الأساطير أو الروايات المحلية هناك تقول أنه عندما تأتي الليالي الهادئة فأنه قد تسمع أصوات ترانيم و تسبيح ذلك الشعب النقي المؤمن الذي كان يعيش في مدينة كيتيج ! ولا تزال تُسمع أصوات أجراس الكنائس التي تدق تحت بحيرة سفيتلاوير ، و بالتالي فإن هذه البحيرة هي بحيرة "مقدسة" جداً عند أبناء الطائفة الأرثوذكسية الروسية ، و بطبيعة الحال يعتقد الكثير من الناس أن ماء البحيرة هو ماء مُبارك و مقدس ويملك الكثير من الخصائص الروحية و شفاء المرضى ، و هذا هو السبب في الحقيقة أن الكثير من الناس يعتقدون الآن أن مياة بحيرة سفيتلاوير لها خصائص طبية ، حتى عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية ذهب الكثير من الأمهات والنساء إلى بحيرة سفيتلاوير من أجل الصلاة والدعاء لأبنائهم أن يعودوا إلى ديارهم سالمين .



الأدلة الأثرية تأكد وجود مدينة كيتيج !

في نهاية هذا الموضوع أود أن أشير أن البعض من علماء الآثار الروس يقولون أنهم وجدوا آثاراً مجهولة تعود إلى القرون الوسطى على ضفاف بحيرة سفيتلايور ، حيث إكتشف العلماء و الباحثون الآلاف من شظايا الفخار و بعض من السكاكين الحديدية والأدوات المعدنية و قطع قديمة من حجر الرحى الذي كان يُستخدم لطحن الحبوب ، وفي الواقع هي إكتشافات مهمة جداً حيث يعتقد عدد من الباحثون الذين يميلون إلى تصديق هذه الرواية أن جميع تلك القطع الأثرية قد تعود إلى الناس الذين عاشوا في المنطقة منذ ستة قرون ، و قال عالم الآثار الروسي "يفغيني شيتيفرتاكوف" الذي كان رئيساً للبعثة الأثرية الروسية في تلك المنطقة : "ربما أن هذه القطع الأثرية القديمة تعود إلى تلك المدينة التي تشكلت حولها العديد من الأساطير ، إنها مكتشفات مثيرة للإهتمام بالطبع ، ولكني لا أستطيع أن اؤكد ذلك ، ربما أنها قد تعود إلى مستوطنين آخرين كانوا في هذا المكان" حقيقة لا ألوم العالم الروسي في حيرته حول تلك الإكتشافات المثيرة للإهتمام في تلك المنطقة ، فلو كنت مكانه لقلت نفس الذي قال حتى تثبت الحقيقة ، وعلى أية حال تبقى أسطورة كيتيج و نبوءة نهاية الزمان أسطورة حيّة ونبوءة قائمة حتى هذا اليوم بين المؤمنين من أبناء الكنيسة الأرثوذكسية الروسية التي يزيد عدد المنتمين إليها إلى أكثر من 125 مليون إنسان في العالم  .


إعداد : رامي الثقفي
Copyright©Temple Of Mystery

مواضيع ذات صلة ..
مملكة إرم : المدينة العربية المفقودة
يس : لُغز المدينة المفقودة
بيتايتي : مدينة الأنكا الذهبية
القارة المفقودة : مـو

التعليقات

  • حنين

    موضوع رائع ونريد المزيد

  • رنا

    جميل جدا

  • فاديا

    موضوع رائع جدا وجميل ، نرجوكم لا تتأخروا علينا في المواضيع نحن ننتظر على أحر من الجمر

  • زينة

    ان مدينة كيتيج التي دفنت تحت الماء تشبه الى حد كبير اطلانتس التي غرقت لتصبح اسطورة شأنها شان العديد من الأساطير التي أؤمن بأنها يوما ما كانت حقيقة واقعية..وأول ما تبادر إلى ذهني عند قراءتي لكلمة كاهن و معبد هو كاهنة المعبد زوزو التي أعتبرها من مؤسسي معبد الغموض...أريد أن أوجه لها تحية خاصة و أنني فعلا افتقد تعليقاتها و اتمنى من كل قلبي ان تكون بخير...و سلامي للجميع مع تمنياتي الصادقة بدوام التوفيق و النجاح

  • أميرة الغامدي

    استاذي الكريم رامي الثقفي أرجو أن تبحث لنا عن موضوع ساخوليم او الأجناس نصف البشرية التي اختلطت بجنس آخر يقولون انه من الجان من الاب الساخول ارجو ان تقول لي اذا كان هذا صحيح وان هناك علامات نعرف بها بعض البشر المختلطين من كتاب الأخ لؤي فلمبان الجزء الثاني العهد القديم اخر ملوك الجان

  • يزيد

    أنا أصدق بهذه النبوءة ،،، لم لا !!

  • عماد محمد

    موضوع رائع كعادتكم أستاذ رامي

  • عطية ابو خاطر

    اود ان اضيف ان للاساطير عموماً ارتباط وثيق بالايمان والعقائد الدينية لدى الشعوب ، كما انها تعبر عن واقع ثقافى لمعتقداتهم عن الموت والحياة وبداية الخلق ونهاية العالم وتفسيرات الظواهر الكونية والكوارث الطبيعية .. ولهذا صارت الاساطير حكايات مقدسة للشعوب البدائية وتراثاً متوارثاً لها يعتقد اصحابها بصحتها ويراها المخالفون مجرد خرافة على سبيل المثال يعتقد المسلم بأن حدوث قصة الاسراء والمعراج حقيقة لاتقبل الجدل .. في حين يراها غير المسلم بأنها مجرد اسطورة لكن الاهم من ذلك هو ان نحترم عقائد الاخرين مهما بدت لنا اسطوريه وغير منطقيه .. وهذا ما نفتقده الان في عالمنا ورغم استهانة الكثيرون بها تبقى الميثولوجيا احد ابرز العلوم الاكثر تأثيراً وشهرة بما تتضمنه من دروس فلسفية تحتوى على فكر ثاقب وابتكار خلاب نادر ظلت الاجيال تشيد بروعته على مدار العصور

  • مولانا

    قصة جميله مش عارف اقول ايه موقع رائع بمعلوماته انا لسه داخل عليه دلوقتى

  • فاطمة

    موضوع جميل جدا ،أبهرني كل شيء هنا

  • حسناء

    علامات الساعة قد تحدثت عنها كل العقائد ولاعجب ان تكون هناك مدن اسطورية تظهر او تختفى عند نهاية الزمان فخروج ياجوج وماجوج واية الشمس التى تخرج من مكان الغروب او ان تظلم الشمس كما فى التوراة وان تسقط النجوم كما فى الانجيل وفى الهندوسية القادم من شامبالا اشارة الى السيد المسيح ومعتقد شهود يهوى بمعركة هرماجدون وكذلك فى عقيدة البهائية وقدوم الميسا فى العقائد اليهودية وتاكيد ذلك فى القران والانجيل . كما سبق وذكرتم استاذ رامى عن نهاية العالم فى المعتقدات فى مقال سابق . كل العقائد اكدت وجود غرائب لايصدقها عقل سوف تحدث وبما ان هناك خسف وقذف فى نهاية الزمان فاكيد ان الخسف قد اغرق مدن واهال التراب على اخرى وقصة قارون وقوم عاد وانشقاق الارض فى عصرنا هذا وابتلاعها للمنازل والاشخاص دليل على ذلك . وربما كان ا لقذف هو قذف هذة المدن من داخل الماء كما قذف اليم جثة فرعون او قذف بحجارة من السماء كما حدث مع اصحاب الفيل (ومنهم من خسفنا بة الارض ومنهم من اغرقنا) شكرا استاذ رامى على مقالاتك العلمية الرائعة

  • وجد العراقية

    روووووووووعه

  • علاء

    موضوع جميل جدا

  • عباس من هولندا

    طالما أن القصة مرتبطة بحدث تاريخي ألا وهو غزو المغول وكانت موجودة اذا القصة حقيقية ، حقا موضوع رائع وجديد علي لم يسبق لي ان قرأتهمن قبل ، أشكرك

  • عبد الله

    الله أعلم

  • نادر لطفي

    أنا ايضا أميل لتصديق القصة ، شكرا على المواضيع الرائعة

  • سارة

    كما عودتنا دائماً موضوع غريب وجديد و متميز

  • عمر عبد الرحمن

    اعجبني كثيرا انه موضوع رائع وكل مواضيع الموقع رائعة

  • أحمد

    سبحانه كل شي ممكن

  • داليا

    موضوع رائع وجميل استمتعت بالقراءة

  • وائل الشرقاوي

    روعه ومنكم نستفيد

أضف تعليقك


من فضلك أدخل الاسم

من فضلك ادخل نص التعليق