• Search
  • Menu


لقاء مع جيش الموتى

رامي الثقفي    أضيف بتاريخ : 2017-11-15 14:20:53    عدد الزيارات : 6775 زيارة


في العصر الحديث هناك الكثير من الناس الذين يعتقدون في وجود الأشباح والأرواح ، وحتى القدماء يشتركون معنا في العديد من هذه المعتقدات ، ولكن كان لدى الثقافات القديمة في جميع أنحاء العالم مفهوم مختلف عن الموت و الحياة الآخرة ، و خلال العصور الوسطى كان الناس مقتنعين أن الإنسان لا يُمكن أن يذهب إلى الجنّة أو الجحيم على الفور ، حيث يقول المفهوم في اللاهوت الكاثوليكي الروماني على سبيل المثال أن الإنسان بعد الموت لابد أن يمر بمرحلة تنقية مؤقتة أو أن يخضع للقداسة اللازمة قبل أن يدخل إلى الجنّة وأن يتمتع بوجود و جمال الله ، وفي الإسلام مثلاً توجد هناك حياة برزخية ما بعد الموت في عالم غير ملموس ويبدأ الإنسان في ذلك العالم مرحلة جديدة من الحياة ويخضع للحساب عن ما فعله في حياته الدنيا ، وغيرها من المعتقدات في الأديان المختلفة بما يتعلق بهذا الأمر .


وفي أواخر العصور الوسطى كانت هناك العديد من القصص عن الأشباح لتلك النفوس التي كانت تكافح العذاب قبل الإنتقال إما للجنّة أو الجحيم بحسب ما تعتقد به الأديان ، تلك النفوس المُضطربة غالباً ما كانت تحاول أن تتصل مع أقاربها لتطلب المُساعدة للتخفيف من مُعاناتهم و مساعدتهم للتخلص أو التخفيف من العذاب ، وتتراوح تلك الطلبات بين دفع الدّين أو الوفاء بالنُذر ، ولدينا في هذا الموضوع قصة غريبة متعلقة بهذه المسألة كانت قد حدثت لأحد الكهنة الذي إدعى أنه إلتقى بمجموعة كبيرة من الموتى وطلب منه بعضهم دفع دّينهم و تحقيق النُذر الذي لم يتمكنوا من الوفاء به .

لقاء الكاهن مع جيش هليكوين - "جيش الموتى"

في حوالي القرن الحادي في أنغلو نورمان - إنجلترا ، حدثت قصة غريبة جداً مع كاهن يُدعى "ويليام والشلين" وهو كاهن بارز في تلك الفترة كتب العديد من السجلات للأحداث التاريخية والسياسية سواء كانت محلية أو خارجية ، بل أنه قد كتب حتى عن الأحداث التي حدثت في ديره الخاص ، و في 1 يناير عام 1141 عندما كان "والشلين" كاهناً لـ أبرشية ليسيوكس كان عائداً إلى بلاده بعد زيارة رجل مريض من الرعية ، و أثناء السفر بين الحقول والغابات على طول الطريق بعيداً عن المنازل خيم عليه الليل و سمع فجأة أصواتاً غريبة تأتي من مكان بعيد ، وبدأ يلاحظ أن تلك الأصوات أصبحت تقترب منه تدريجياً أكثر وأكثر ، و كانت تبدو وكأنها أصوات لجيش كبير كان يقترب منه ، ولكنه لم يكن يعرف لمن هذا الجيش ؟ فكّر الكاهن ، وتبادر في ذهنه لأول مرة أنه قد يكون جيش الإيرل "روبرت بيليم"  الإبن الأصغر لـ "روجر دي مونتغمري" أو روجر الكبير كما كانوا يسمونه "إيرل" شروزبري في إنجلترا ، والإيرل هو لقب أنجلوسكسوني يحصل عليه الرجل إذا كان من طبقة النبلاء وهو لقب مُطابق للقب أمير ، وعلى أية حال كان الكاهن "والشلين" خائفاً جداً واعتقد أنه سيكون من مصلحته أن يختبئ وراء الأشجار حتى يمر الجيش دون أن يشعر به ، وعندما أراد الكاهن الإختباء بين الأشجار إعترض طريقه رجل عظيم الخلقة يحمل صولجاناً كبيراً و منعه من الإختباء ، ومن ثم حاول الكاهن الهرب ولكن دون فائدة حيث وضع الرجل السلاح باتجاه صدره ولكن دون الإضرار به ، حينها وقف الكاهن جامداً بلا حراك حتى إختفى الرجل فجأه وتلاشى عن الأنظار ، وعندما كان الكاهن واقفاً متجمداً على جانب الطريق شاهد المئات من الفرسان يمرون أمامه ، ورأى عدد كبير من الفلاحين مع الحيوانات والخيول ومئات من النساء والكهنة والرُهبان ، وقال الكاهن أن النساء كانوا يضعن علامات على السروج بأظافر حمراء نارية كما كانوا يقفزن في الهواء ومن ثم يُعدن مرة أخرى على الخيول ، كان الكاهن لا يصدق ما تراه عيناه وكان الجزء الأكثر إثارة للخوف بالنسبة له هو أنه قد تعرف على العديد من تلك الوجوه ! فقد كان من ضمن ذلك الجيش أشخاصاً يعرفهم و يعرفونه ، لكنهم ماتوا منذ سنوات عديدة وكان بعضهم من أصدقائه و جيرانه ، ومن غرائب ما رآه أن بعض من هؤلاء الذين يعرفهم أصبحوا أقزاماً مع رؤوس كبيرة مثل البراميل ، ومن بينهم شخص كان يعرفه الكاهن جيداً رآه مُعلقاً على جذع شجرة تجرها الخيول ، وكان يصرخ خائفاً بكلمات غير مفهومة و هو يُضرب بسوط و تتدفق منه الدماء ، حينها أدرك الكاهن أن هذا الشخص كان قاتلاً معروفاً ومن ضمن ضحاياه "الكاهن ستيفن" صديق الكاهن "والشلين" وأدرك أنه كان يُعاني من عذاب لا يطاق لذنوبه في سفك دماء الأبرياء لأنه توفي دون أن يُكمل التكفير عن جرائمه الرهيبة ، أدرك "والشلين" حينها أنه كان يُشاهد جيشاً من الموتى ، وأن تلك النفوس أصبح محكوماً عليها أن تسير عبر الأرض قبل الإنتقال إما للنعيم أو العذاب الأليم .

و في الواقع رغم غرابة القصة إلا أنها كانت مدونة في السجلات التاريخية و معروفة لسنوات عديدة ، و هناك العديد من الروايات المُطابقة التي تتحدث عن جيش "هليكوين" أو جيش الموتى ، والبعض منها ينطوي على الملك آرثر أو أساطير أخرى من القرون الوسطى ، فهل كانت هذه القصة حقيقية ؟ بالتأكيد أننا لا نستطيع أن نقول أنها كانت حقيقية ، و يجب أن لا نغفل نقطة مُهمة جداً وهي أن "الكنيسة" ربما إختلقت هذه القصة برمتها لتقدم لرعاياها مثالاً مروعاً على ما ينتظر أولئك الذين أخطأوا ومن ثم ماتوا ، وما سوف ينتظرهم بعد الموت ، حيث إدعى الكاهن "والشلين" أنه أثناء مرور ذلك الجيش إقترب منه أحد الفُرسان الذين كان يعرفهم في حياته و أسمه "وليام غلوس" وأخبره أن خطاياه في الحياة لازالت تعاقبه بعد وفاته ، وبخاصة عذاب الربا ! فقال للكاهن : "كنت قد أقرضت من أموالي إلى رجل فقير وأخذت تعهداً عليه إن لم يتمكن من السداد في المده المُتفقة سوف أزيد عليه ليصل إلى الضعف ، لذلك أخبر زوجتي بياتريس و إبني روجر أنهما يجب أن يُساعداني من خلال استعادة القرض أو إلغاء الإتفاقية" كما إدّعى الكاهن أن العديد من الفُرسان الآخرين طلبوا منه المُساعدة ، حتى إختفى جيش الموتى أخيراً بعيداً عن الأنظار ، وفي نهاية المطاف عاد "والشلين" إلى البلدة وأصيب بمرض غامض لمدة أسبوع و بعد أن تعافى روى ما حدث معه للأسقف المحلي في البلدة وكان مُصراً على حقيقة ما رآه وقال أن الكثيرون من الذين سمعوا قصته سخروا منه ، ودّون في سجلاته : "لم يصدقني الناس ، لأنهم لم يروا أبداً دليلاً قوياً على مثل هذه الأشياء ، لكنني أصبحت أرى الآن بالفعل ظلال الموتى بأم عيني ، ولكن لا أحد سيصدقني" و من ثم عاش الكاهن لمدة خمسة عشر عاماً أخرى على الأقل بعد تلك الحادثة .


هل كان هؤلاء الناس من العالم الموازي ؟

دعونا نفترض جدلاً أن هذه القصة كانت حقيقية ، وأن ذلك الكاهن كان صادقاً "على الرغم من أننا إعتدنا على أكاذيب الكهنة والشيوخ ورجال الدين في كل الأديان والمذاهب عموماً" إما للترغيب أو الترهيب ، فيلجأون لإختلاق مثل تلك القصص ، ولكن دعونا "نصفي النية" إن جاز التعبير ونقول أن ما رآه الكاهن كان حقيقياً بخاصة أنه من وجهة النظر العلمية لا يُمكننا أن نرفض إمكانية حدوث شيء مثل ذلك ، والسؤال هو هل شاهد الكاهن حقاً جيشاً من الأموات ؟ أم أنه شاهد شيئاً ما من العالم الموازي ؟ حيث أن هناك بعض الأحداث والقصص الغريبة التي جرت مع البعض حتى في العصر الحديث ، وهي تعطي مؤشرات أن هناك أبعاد وعوالم موازية للناس الذين إختفوا فجأة ليجدوا أنفسهم في عالم مجهول لا ينتمي إلى عالمنا ، ومن حيث نظرية "الزمكان" إكتشف العلماء أن هناك بالفعل تموجات مُثيرة و غريبة قد تقدم أدلة على وجود الأكوان والأبعاد والعوالم الموازية ، و قد سبق أن قلت أن نظرية الزمكان بحسب أقوال الفيزيائيون تعطينا أبعاد ومساحات أكثر من مجرد الإنتقال إلى بُعد أو مكان موازي آخر ، فهي لا تميز بين الماضي والحاضر والمستقبل ، وإذا تمكنا من الوصول إلى تلك الأبعاد التي تخضع لهذه النظرية يُمكننا أن نرى جميع الأحداث الماضية والحالية والمستقبلية ومن المُمكن أن تظهر أمام أعيننا في وقت واحد ، مثلاً يُمكن أن نرى كيفية بناء الأهرامات في الجيزة ، أو نهاية الحرب العالمية الثانية ، أو حدث مُهم في المستقبل ، حيث سوف يصبح كل ذلك مُتاحاً أمامنا ، وبطبيعة الحال من المُمكن رؤية مخلوقات أخرى ومن بينهم البشر في تلك العوالم التي يحكمها قانون خاص لا ينطبق على عالمنا ، و كذلك "الموت" فهو حياة أيضاً ، ولكن بوجه وشكل و قانون مُختلف ، وإذا صدق الكاهن فيما رواه فإنه قد يكون تعثر عن طريق الخطأ عند بوابة أدت به إلى بُعد موازي فشهد شيئاً من العالم الآخر .


إعداد : رامي الثقفي
Copyright©Temple Of Mystery

مواضيع ذات صلة ..
الذهاب إلى المجهول
تائهة في عالم موازي
لغز الذين إختفوا في لحظة عن الوجود
العوالم الخفية في الفيزياء : نظرية الأوتار
ديمومة الزمان ومتغيرات المكان
الموت مجرد وهم ، سنعيش في عالم موازي

أحداث خارقة للطبيعة من القرون الوسطى

التعليقات

  • Venus

    رائع و جميل وغريب

  • أحمد البدوي

    موضوع شيق وقصة الكاهن ولو كانت مختلقة من الكاهن إلا أن مقتضاها صحيح فلم يخلق الإنسان عبثا أوأن يترك يفعل مايشاء من مظالم وغيرها.. نقدر مجهودكم الخرافي لكن لاتتأخروا في جديدكم.

  • أحمد

    موضوع غريب وجميل كالعادة ، نتمنى المزيد

  • حسناء

    الموت ناموس الكون حتى ان الالهة قديما ماتت الموت انفصال للروح عن الجسد حيث يمكث الجسد فى التراب وتذهب الروح الى عالم البرزخ واذا جاز لنا ان نقول فهو عالم موازى موجود تدخل فية الروح ولا نعلم ماتراة هناك وما يطراء عليها من تغيير وفى المعتقدات القديمة فان الروح تذهب الى عالم غير منظور لاتجد ماتقتات علية ان لم يكن عملها صالح ويقال ان الارواح الشريرة اذا لم تقدم لها النذور والقرابين فانها تخرج الى الارض فى صورة كائنات شريرة ونفس الشئ يحدث عند عدم دفن الميت او عدم اداء طقوس دينية علية اثناء الدفن ومن هنا اتت اهمية دفن الانسان واداء الطقوس الدينية علية وقد كان العرب قديما يصورون روح الانسان كانها طائراطلقواعليه اسم ( الهامة ) وحين تكون هذة الروح لشخص مقتول يهيم الطائر روح المقتول اذ لم يؤخذ بثارة من قاتلة ويصرخ اسقونى اسقونى ربما ما شاهدة الكاهن كانت ارواح اشخاص شريره او ارواح اشخاص دفنت دون اقامة طقوس دينية عليها وفى كلا الحالات فقد اتت من العالم الموازى شكرا استاذ رامى على موضوعاتك الشيقة

  • سلام

    مواضيعكم رائعة

  • سهام

    أحببت جدا هذا الموضوع ❤

  • عصام المغربي

    الموضوع جميل كالعادة واتفق معك أستاذ في النقد

  • وائل

    اشتقنا لمثل هذه المواضيع الرائعة يا موقعي المفضل والأفضل

  • علي صلاح

    قصه عجيبه الله اعلم

  • فاطمة

    سبحان الله

أضف تعليقك


من فضلك أدخل الاسم

من فضلك ادخل نص التعليق